والأحاديث التي فيها الوعيد على بعض الخصال تسمى أحاديث الوعيد تُجرى على ظاهرها ليكون أبلغ في الزجر، مع العلم بأنها لا تخرج من الملة، ولو كان ظاهرها فيه إخراج من الملة، فإذا سمعنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من لطم الخدود، أو شق الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهلية) ، هل نقول: هذا ليس من المسلمين، مع إنه ما عمل إلا هذا العمل، هل خرج بذلك من الإيمان؟ هذا من أحاديث الوعيد، ونعتقد أنها لا تخرج من الملة، ولكن نمرّه على ظاهره ليكون أبلغ في الزجر.
وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (من غشنا فليس منا) وقوله صلى الله عليه وسلم: (من عقد لحيته، أو تقلد وتراً، أو استنجى برجيع دابة أو عظم؛ فإن محمداً بريء منه) ، هل يكون معناه أنه خرج من الدين؟. وهذه الأحاديث كثيرة.
ولذلك فإن الإمام مسلماً رحمه الله بدأ صحيحه بكتاب الإيمان، وأورد فيه مثل هذه الأحاديث التي فيها إشكال على بعض الناس، وفيها شك -للدلالة على أن الإيمان يتفاوت مثل قوله صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) أخرجه مسلم، أليس فيه دليل على أن الإيمان يتفاوت وأن هناك إيماناً ضعيفاً.
كل هذا رد على الذين يقولون: إن الإيمان شيء واحد، وأن نقصانه ذهاب له. وممن كتب في ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب (الإيمان) ، وهو مطبوع في المجلد السابع من مجموع الفتاوى، ومطبوع أيضاً مفرداً، وكذلك في كتاب الإيمان في صحيح البخاري، وفي أكثر كتب المحدثين، وكذلك الكتب المستقلة؛ ككتاب (الإيمان) لابن أبي شيبة صاحب المصنف، وكتاب (الإيمان) لأبي عبيد القاسم بن سلام، وكتاب (الإيمان) لابن منده، وكلها مطبوعة ميسرة ولله الحمد
مسألة: الإيمان بكل ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم
قوله: