ويجب الإيمان بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم وصح به النقل عنه فيما شاهدناه أو غاب عنا؛ نعلم أنه حق وصدق، وسواء في ذلك ما عقلناه أو جهلناه ولم نطلع على حقيقة معناه.
شرح:
هذا مما يتعلق بالعقيدة؛ وهو الإيمان بالغيب، وأول وَصْفٍ وَصَفَ الله به المتقين: الإيمان بالغيب قال تعالى: (هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب) (البقرة:2-3) ، والغيب كل ما غاب عنا وأخبرنا عنه، وكان الخبر يقيناً؛ أخبر الله به في القرآن أو أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث.
لا شك أن الأخبار الغيبية إخبار عن أمر ما شاهدناه ولا رأيناه، فما هي طريقتنا في ذلك وماذا نفعل؟ علينا أن نصدق به وإن لم تدركه عقولنا أو حواسنا، وكل شيء غاب عنا وأخبرنا عنه بخبر قد يكون غريباً وقد يكون مستبعداً، فإذا كان الخبر من الله أو رسوله وجب التصديق به مهما كان، والأمثلة لذلك كثيرة.
فأولاً: الخبر عن الله تعالى: هذا من الإيمان بالغيب، والخبر عنه بأنه فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه، متصف بصفات كذا، منزه عن صفات كذا وكذا، هذا من الإيمان.
ثانياً: الخبر عن الرسل: أخبرنا الله، وأخبرنا الرسول عن الرسل بأخبار منها مثلاً: أن آدم خلق من تراب، وأن الله أسجد له ملائكته، وأسكنه جنته، وأن إبليس احتال عليه حتى أخرجه؛ هذا من الإيمان بالغيب، لأننا ما شاهدناه لكن جاءنا الخبر اليقين، فنصدق به ونؤمن به.
ثالثاً: الإخبار عن الملائكة؛ عن كثرتهم، وعن عبادتهم، وعن أعمالهم، وعن أماكنهم، هذا أيضاً من الإيمان بالغيب، نقبله ولو استبعده من استبعده، فإن الأمور الغيبية لا تدرك بالعقول وإنما تدرك بالأخبار، فإذا كان المخبر ممن يجب تصديقه، فالتصديق به داخل في خصال الإيمان فلا يجوز رد شيء من خبره.