ومن الأدلة أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: (يخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من إيمان، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة من إيمان، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله، وفي لقلبه وزن ذرة من إيمان) أليس هذا دليلاً على التفاوت، فبعضهم إيمانه مثقال دينار وهو قطعة من الذهب، وبعضهم مثقال خردلة؛ حبة صغير، وهذا دليل على أنهم متفاوتون، هذا أنقص من هذا، وهذا أزيد من هذا، فدل على أنهم يتفاوتون.
واستدلوا أيضاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم؛ مخاطباً للنساء في خطبته يوم العيد: (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن، قلن: يا رسول الله، وما نقصان العقل والدين، قال: "أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعد شهادة رجل، فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي، وتفطر في رمضان، فهذا نقصان الدين) ، فجعل تركها الصلاة -وإن كانت معذورة- نقصاً في دينها، فالرجل يزيد عليها في صلاته في تلك المدة، فدل على أن الإيمان يزيد بالطاعة من الصلاة والصدقة والصيام ونحوها، وينقص بترك الصلاة أو بترك الصيام وما أشبهه.
وأهل السنة قالوا: إن المؤمنين يتفاوتون في الإيمان، ولا يكفّرون بالذنوب، بل يعذرون العاصي، ويقولون: إنه مؤمن، ولكنه فاسق، أو عاص، ولو عمل أي عمل ما لم يكن ذلك العمل مخرجاً من الملة.
والأحاديث التي أطلق فيها الكفر على بعض الأعمال يقال: إنه كفر عملي، مثله قوله صلى الله عليه وسلم: (اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب والنياحة على الميت) . معلوم أن هذه لا تصل إلى الكفر الذي هو الكفر بالله، والذي يبيح الدم والمال، ولكنها كفر عملي فيه شيء من التكذيب في بعض الشريعة.