قال الله تعالى: (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه) (الزمر:22) ، أخبر بذلك عن نبيه (ألم نشرح لك صدرك) (الشرح:1) ، والشرح هنا ليس هو الشق، ولكنه شرح الانبساط، بمعنى أن قلبه يصير مقبلا على الإسلام، ويصير صدره متسعا لتعاليم الإسلام، كأن صدره واسعٌ غاية السعة لأجل ما منّ الله عليه بهذه الهداية.
ثم قال تعالى: (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء) (الأنعام:125) ، أي من أراد الله إضلاله وحال بينه وبين الهداية فإنه يجعل صدره ضيقاً، وليس المراد الضيق الحسي، فإنك إذا رأيت اثنين أحدهما أراد الله أن يشرح صدره، والآخر لم يرد به خيراً بل أراد الله أن يضله، لا تفرق بينهما ظاهراً، فضيق الصدر هنا ضيق معنوي، بمعنى أنه لا يتسع صدره للتعاليم الدينية ولا يحبها ولا يتقبلها ولا يركن إليها؛ إذا أخبر بها ضاق بها ذرعاً وأبغضها ومقتها واحتقرها، وابتعد عنها واستثقلها كأنها جبال تحمل عليه؛ هذا من قضاء الله الذي قدر عليه، كذا جعل صدره ضيقاً حرجاً، والحرج هو الشدة والألم.
(كأنما يصعد في السماء) كأن قلبه يصعد أي يطار به، ويحال بينه وبين أسباب الفرح، لا شك أن هذا أمر الله تعالى؛ فهو الذي هدى هذا وأضل هذا.
وقد ذكرنا أن هدايته لمن يهديه فضل منه، وإضلاله لمن يضله عدل منه:
ما للعباد عليه حقٌ واجبُ كلا ولا سعيٌ لديه ضائع
إن عذبوا فبعدله، أو نُعِّموا فبفضله، وهو الكريم الواسع