فمن عقيدة أهل السنة أنهم يسلمون لأمر الله ولو لم يظهر لهم فيه حكمة، فلا يجوز أن تقول: ما فائدة خلق هذه الأشياء؟ أو هذه الأشياء فيها ضرر؛ ليتها لم تخلق، كل هذا لا يجوز؛ لأن في هذا اعتراض على تصرف الخالق، فهو الذي خلق الأقدار حتى إنه أراد التعرف إلى خلقه بإيجاد الضدين؛ فخلق الخير والشر، وخلق الحياة والموت، وخلق المسلم والكافر، وكذلك بقية الأضداد، فلا يجوز أن تقول: لماذا خلق الله البرد والحر؟ لماذا خلق الله السموم القاتلة؟ لماذا خلق الله السباع؟ لماذا خلق الله ذوات السموم كالحيات والعقارب؟، فخلق كل الأشياء لابد أن تكون فيها حكمة ولو لم تكن معلومة لنا، فلا يجوز أن يُعترض على الله تعالى في خلقه فإنه يفعل ما يشاء قال تعالى: (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) (الأنبياء:23) ، يدخل في هذه الآية جميع ما أوجده، سواءً من المخلوقات ذوات الأرواح أو من النباتات أو من الأفعال، ولا يقال: لماذا أمر الله بكذا؟، ولماذا حرم كذا؟ ولماذا أوجب كذا؟ كل هذا لا يجوز: (لا يسال عما يفعل وهم يسألون) .

أما قوله تعالى: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجاً) (الأنعام:125) فهذه الآية في الإرادة الكونية فإن الإرادة كما ذكرنا نوعان: إرادة كونية وإرادة شرعية، فالمعنى أن من أراد الله كوناً وقدراً أن يهديه فإنه يشرح صدره للإسلام، ويكون قلبه منبسطاً إليه، راغباً فيه، محباً له، مقبلاً عليه، متقبلاً له، يرغب فيه ويحبه ويألفه، ويستحسن أفعاله وشرائعه، ويرى كل ما فيه حقاً ومطابقاً وصدقاً ليس فيه شيء لا فائدة فيه ولا أهمية له، فيقبل على الإسلام ويتقبله، فهذا الذي أراد الله به خيراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015