وهذا كله لا ينافي العمل ولا ينافي فعل الأسباب، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر صحابته بأنه: ما منكم من أحد إلا قد كُتب مقعده من الجنة أو كُتب من النار) ، قال رجل: يا رسول الله؛ أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل؟، فقال صلى الله عليه وسلم: اعملوا فكل ميسر) فأمر بأن يعمل، وأخبر بأن الإنسان يصير إلى ما قدره الله، فلابد وأن يسير إليه فمن كتبه الله سعيداً فلابد أن يعمل بعمل أهل السعادة ولو في آخر لحظة في حياته، وكذلك من كتبه شقياً.
ففي حديث القدر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها) .
فالأعمال بالخواتيم، والله تعالى يوفق كل إنسان بأن يختم له من العمل بما هو أهله وما كتبه له؛ ولهذا كان كثير من السلف ومن العلماء يكثرون من الدعاء بحسن الخاتمة؛ لأن الأعمال بخواتيمها.
وقوله:
قال الله تعالى: (لا يسأل عمال يفعل وهم يسألون) (الأنبياء:23) ، وقال تعالى: (إنا كل شيء خلقناه بقدر) (القمر:49) ، وقال تعالى: (وخلق كل شيء فقدره تقديراً) (الفرقان:2) ، وقال تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) (الحديد:22) ، وقال تعالى: (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجاً) (الأنعام:125) .
شرح:
بعض هذه الآيات في القدر الذي هو العلم السابق، وبعضها في القدر الذي هو قدرة الله على كل شيء.