يعني فيه هذه الكلمات التي تشتمل عليها، وكله لا يخرج عن كونه كلام الله، وصفه الله بقوله تعالى: (وإنه لكتاب عزيز * لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد) (فصلت:41-42) العزيز؛ يعني الجليل، عزيز يعني ذو عزة، وذو قوة، وذو بلاغة، وذو أسلوب قوي، (لا يأتيه الباطل) معناه: لا يتطرق إليه الخطأ من بين يديه ولا من خلفه، من أية جهة لأنه كلام الله، قال تعالى: (تنزيل من حكيم حميد) .
وكذلك قوله تعالى: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً) (الإسراء:88) لو اجتمع أولهم وآخرهم على أن يعارضوه ويأتوا بقرآن مثله لعجزوا عن ذلك. فهذا تحد من الله وإخبار بأنهم عاجزون، وقد وقع كما أخبر، فدل ذلك على أنه كلام الله.
وقوله:
وهو هذا الكتاب العربي الذي قال فيه الله تعالى على لسان الذين كفروا: (لن نؤمن بهذا القرآن) (سبأ:31) ، وقال بعضهم: (إن هذا إلا قول البشر) (المدثر:25) فقال الله سبحانه: (سأصليه سقر) (المدثر:26) ، وقال بعضهم: هو شعر. فقال الله تعالى: (وما علَّمناه الشعر وما ينبغي له إن هو إلا ذكر وقرآن مبين) (يس:69) ، فلما نفى الله عنه أنه شعر وأثبته قرآناً لم يبق شبهة لذي لب في أن القرآن هو هذا الكتاب العربي الذي هو كلمات، وحروف، وآيات؛ لأن ما ليس كذلك لا يقول أحد: إنه شعر.
شرح:
يشير إلى أن القرآن الذي هو كلام الله، هو هذا الموجود الذي في المصاحف، فإنه كلام عربي قال الله تعالى: (ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته أعجمي وعربي) (فصلت: 44) ، كيف يرسل إلى قوم عرب، ويكون قرآناً أعجمياً؟ وقال تعالى: (لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين) (النحل:103) . وصفه بأنه لسان عربي.