أراد أن يحرفها تحريفاً لفظياً، ويجعل الكلام من موسى لا من الله؛ في قوله تعالى: (وكلم الله موسى تكليماً) ، فجاءت هذه الآية التي تبطل تحريفه (وكلمه ربه) فقدم الضمير المفعول به، والرب هو المكلم - فلم يكن له فيها حيلة.

ثم ذكر شيخ الإسلام أن المعتزلة والجهمية تأولوا هذه الكلمة فحرفوها تحريفاً عجيباً؛ فقالوا: التكليم التجريح قال تعالى: (وكلمه ربه) ، (منهم من كلم الله) (البقرة:253) يعني جرحه بأظافر الحكمة، وقالوا: إن الجُرح هو الكَلم كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (ما من مكلوم يُكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته حين كُلمِ؛ لونه لون دم وريحه مسك) .

فذهبوا مذهباً بعيداً، وفسروا التكليم بأنه التجريح -سبحان الله- وهل التجريح شرف؟ وهل فيه ميزة لموسى؟ ولماذا اختصه بقوله تعالى: (وكلم الله موسى تكليماً) بعد ما ذكر أنه أوحى إلى النبيين بقوله تعالى (إن أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده) (النساء:163) ، لو كان ذلك هو التجريح ما كان فيه فضيلة، كيف يكون جرحه بأظافير الحكمة؟ فإن التجريح عذاب سواءً كان حسياً أو معنوياً، ثم يبطله أيضاً قوله تعالى: (إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي) (الأعراف:144) ولم يقل بتكليمي، والكلام واضح في أنه أراد ما سمعه من كلام الله له، فبطل بذلك تأويلهم.

كذلك أيضاً قوله تعالى: (وما كان لبشر أن يكلمه الله وحياً) (الشورى:51) ليس المراد أن يجرحه إلا وحياً، وهل الوحي تجريح بأظافير الحكمة؟ فعرف بذلك أن التكليم هو الكلام، ولهذا قال تعالى: (أو من وراء حجاب) (الشورى:51) يعني أو يْكلِّمه من وراء حجاب كما حصل لموسى.

وقوله:

وقال تعالى: (فلما أتاها نودي يا موسى * إني أنا ربك) (طه:11-12) ، وقال تعالى: (إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني) (طه:24) ، وغير جائز أن يقول هذا أحد غير الله.

شرح:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015