ومن صفات الله تعالى؛ أنه متكلم بكلام قديم، يُسمِعُه من شاء من خلقه، سَمِعه موسى عليه السلام، من غير واسطة وسمعه جبريل عليه السلام ومن أذن له من ملائكته ورسله، وأنه سبحانه يُكلِّم المؤمنين في الآخرة ويكلِّمونه، ويأذن لهم فيزورونه. قال الله تعالى: (وكلم الله موسى تكليماً) (النساء:164) ، وقال سبحانه: (يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي) (الأعراف: 144) ، وقال سبحانه: (منهم من كلم الله) (سورة البقرة:253) وقال سبحانه: (وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب) (الشورى:51) .
شرح:
هذه من الأدلة على أن الله تعالى متكلم ويتكلم إذا شاء، والدليل قوله تعالى: (وكلم الله موسى تكليماً) واضح في أن الله كلم موسى وأنه أسمعه كلامَه، وكذلك قوله تعالى: (مِنْهم من كلم الله) يعني موسى أو يعني من الرسل من كلمه الله، وكذلك قوله تعالى: (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه) (الأعراف:143) إلى قوله تعالى: (وإني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي) (الأعراف:144) واضح في أن الله كلَّمه، وأنه اصطفاه، واختصه برسالته، وبتكليمه له، وأن الله أسمعه الكلام.
وقد ذُكر أن أحد الجهمية جاء إلى أبي عمرو بن العلاء - أحد القراء السبعة في العراق- وقال: أريد منك أن تقرأ هذه الآية: (وكلم الله موسى تكليماً) (النساء:164) بنصب (الله) ، وقصده أن يكون موسى هو الذي كلم ربه، لا أن الله هو الذي كلم موسى، يريد بذلك نفي كلام الله لموسى، ولكن أبا عمرو رحمه الله قال له: هب أني قرأت أنا أو أنت هذه الآية هكذا؟ فكيف تفعل بقول الله تعالى: (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه) هل تستطيع أن تغيرها؟ هل تستطيع أن تقدم فيها أو تؤخر؟ فتحير ذلك الجهمي، وعرف أنه لا حيلة له في تغيير هذه الكلمة.