من الأدلة أيضاً: آيات النداء، فالنداء لا يعرف إلا بالكلام، وقد ذكر الله النداء في عدة آيات، ففي سورة القصص ذكره في ثلاث آيات؛ قال تعالى: (ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون) (القصص:62) ، (ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين) (القصص:62) فالنداء لا يكون إلا بصوت، وبكلام مسموع: قال الله تعالى: (وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين) (الشعراء:10) ، وقال تعالى: (هل أتاك حديث موسى * إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى) (النازعات:15-16) ، وفي هذه الآية (فلما أتاها نودي يا موسى * إني أنا ربك فاخلع نعليك) إلى قوله تعالى: (إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري) (طه:11-14) ، وكذلك قوله تعالى: (وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجياً) (مريم:52) .
فلا شك أن النداء كلام مسموع، فلابد أن يكون كلام الله الذي تكلم به من الكلام المسموع الذي فهمه موسى، ولهذا لما سمع كلام الله سأل النظر إليه، وقال: (رب أرني أنظر إليك) (الأعراف:143) الآية، فدل على أنه سمع كلام الله، ولا شك أن موسى سمع قول الله تعالى: (إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني) (طه:14) ، من الذي قال هذا لموسى؟ قالته الشجرة؟
ولما رأى النار فقال: (إني آنست ناراً لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون) (القصص:29) (فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها) (النمل:8) يعني سمع نداء الله (أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين * وأن ألق عصاك) (القصص:30-31) .
هل تقول الشجرة هذا الكلام الذي ذكره الله تعالى: (إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى * وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى * إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري) (طه:12-14) ، (يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم * وألق عصاك) (النمل:9-10) ؟ هذا كلام لا يقوله إلا الرب سبحانه الذي ناداه.