قالوا: إن الحديث في إسناده عبد الله بن عميرة، وأنه لا يعرف إلا به، ولكن شيخ الإسلام يقول: إن هذا الحديث قد رواه كثير من الأئمة مؤيدين له. ومن جملة من رواه إمام الأئمة ابن خزيمة في كتابه (التوحيد) المطبوع المشهور المحقق؛ ذكر في أول الكتاب أنه لا يروي إلا الأحاديث التي صحت وليس في أسانيدها طعن ولا انقطاع، فهو روى هذا الحديث وسكت عنه، وذلك دليل على ثبوته، وفيه إثبات الفوقية أن الله تعالى فوق العرش الذي هو فوق المخلوقات، ولا دلالة أصرح من هذا الدليل.
(والله فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم عليه) يعني أنه مع علوه، فهو سبحانه يطلع عليكم، ولا يخفى عليه منكم خافية، يعلم القريب والبعيد.
وآيات المعية، وآيات القرب كثيرة، وقد ذكر شيخ الإسلام أن ما ذكر في القرآن من علو الله تعالى وفوقيته لا ينافي ما ذكر من قربه ومعيته؛ فإنه سبحانه لا يقاس بخلقه، وليس كمثله شيء، وهو عليٌّ في دنوه، قريب في علوه، نَصفه بأنه هو الأعلى وهو معنا، ومطلع علينا، يرى عباده ويعلم أحوالهم، كما في قوله تعالى: (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) (ق:16) ، وفي قوله تعالى: (وما كنا غائبين) (الأعراف:7) .
هذه الأدلة ونحوها أدلة صريحة في إثبات العلو، والأدلة كثيرة وقد مر بنا آيات الاستواء، وآيات ذكر السماء، وهذان نوعان من الدليل.
والدليل الثالث: آيات العلو كقوله تعالى: (وهو العلي العظيم) (البقرة:255) ، (سبح اسم ربك الأعلى) (الأعلى:1) ، (إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى) (الليل:20) ، (إن الله كان علياً كبيراً) (النساء:34) ، (إنه علي حكيم) (الشورى:51) ونحو ذلك، فالعلو ثابت لله تعالى بجميع أنواعه وأنواع العلو ثلاثة: علو القدر، وعلو القهر، وعلو الذات.
ومثله آيات الفوقية، مثل قوله تعالى: (وهو القاهر فوق عباده) (الأنعام:18) ، (يخافون ربهم من فوقهم) (النحل:50) .