هذا الأثر في صفة هذه الأمة من الآثار التي تنقل عن الكتب المتقدمة وهي من الأخبار التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل ... الآية) ولكنه مطابق للواقع، مطابق لوصف هذه الأمة بأنهم يسجدون في الأرض وإلههم في السماء، ومعلوم أنهم على الأرض وأنهم يسجدون عليها، وأنهم يضعون جباههم عليها تواضعاً لربهم، وأنهم يعتقدون أن ربهم فوقهم.

مسألة: حديث الأوعال

قوله:

وروى أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن ما بين سماء إلى سماء مسيرة كذا وكذا..) وذكر الخبر إلى قوله ( ... وفوق ذلك العرش، والله سبحانه فوق ذلك) فهذا وما أشبهه مما أجمع السلف -رحمهم الله- على نقله وقبوله، ولم يتعرضوا لرده، ولا تأويله، ولا تشبيهه، ولا تمثيله.

سئل الإمام مالك بن أنس رحمه الله فقيل: يا أبا عبد الله، (الرحمن على العرش استوى) (طه:5) كيف استوى؟ فقال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، ثم أمر بالرجل فأخرج.

شرح:

هذا الحديث يسمى حديث الأوعال، ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في الواسطية، ولما حصلت المناظرة بينه وبين الأشاعرة في دمشق، وأرادوا أن ينكروا عليه، وكان مما استدل به هذا الحديث الذي ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم: خلق المخلوقات، ثم قال في آخره: (والعرش فوق ذلك، والله فوق العرش، وهو يعلم ما أنتم عليه) .

لما ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم السماوات، وذكر البحار التي فوقها، وذكر الأوعال التي هي الملائكة الذين يحملون العرش، قال بعد ذلك: (والعرش فوق ذلك) يعني فوق ظهور الأوعال، مع ذكره لعظم خلقهم، و (والله فوق العرش) دليل صريح بذكر الفوقية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015