ومن السنة، قول النبي صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا) ، وقوله: (يعجب ربك من الشاب ليست له صبوة) ، وقوله: (يضحك الله إلى رجلين قتل أحدهما الآخر ثم يدخلان الجنة) .

شرح:

هذه من أحاديث الصفات الفعلية، فأحاديث النزول ذكر ابن كثير وغيره أنها متواترة، وأكثرها مذكور في كتاب ابن القيم المسمى (الصواعق المرسلة) ، وكذلك في كتاب حافظ الحكمي (معارج القبول) ، وفي أمهات الكتب - بلفظ (نزل) أو (ينزل) ، أو بلفظ (هبط) ، أو (يهبط) أو نحو ذلك.

ومعلوم أن النزول لا يكون إلا من أعلى، فهي دالة على أن الرب تعالى موصوف بصفة العلو بجميع أنواعه، وأنها صفة ذاتية -كما سيأتي- وأما النزول فإنه صفة فعلية، ينزل إذا شاء، وفي الحديث: أنه ينزل كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، وأنه يقول: (من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له) ، يتودد إلى عباده وهو عنهم غني.

وإذا آمنا بهذه الصفة فإننا نكل كيفيتها إلى الله الذي أثبتها لنفسه، ولا نتقعر في ذلك، ولا نبالغ في الإنكار. نقول: ينزل كما يشاء، فإذا قالوا: إن النزول يستدعي الحركة، أو أن يخلو منه العرش، أو أن يكون بعض المخلوقات فوقه، أو أن يكون محصوراً.

قلنا: سبحان الله وبحمده، تعالى الله عن أن تدركه الظنون، وأن تتخيله الأفهام، وأن تمثّله الأوهام، تعالى الله عن ذلك. بل الرب سبحانه وتعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) ونزوله يليق به، ولا يماثل أحداً من خلقه في هذه الصفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015