وقد تكلم على هذا الحديث شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في رسالة مستقلة بعنوان (شرح حديث النزول) وهي رسالة قد تقر ب من ستين صفحة أو أكثر في بعض الطبعات، كلها على هذا الحديث، وما ذاك إلا لكثرة الخوض فيه، حيث رفع إليه هذا السؤال، وكان من جملة ما أشكل على السائل الذي أنكره - قال: إن الليل يختلف باختلاف البلاد، فقد يكون ثلث الليل في هذا البلد ضحى ونهاراً في بلد آخر، فيلزم من ذلك أن يكون النزول مستمراً عند كل أهل جهة في ثلث ليلهم؟

أجاب شيخ الإسلام: أنه لا مانع؛ فإن الله تعالى لا يشغله شأن عن شأن، ولا مانع أن ينزل عند هؤلاء وهؤلاء كما يشاء، وأيضاً يمكن أن يختص النزول ببلاد المسلمين.

وبكل حال؛ نثبت هذه الصفة ولا نردها -لماذا؟ - لأن الله تعالى على كل شيء قدير، ولأن الذين نقلوها هم الذين نقلوا جميع الأحكام، فإذا رددناها لزم أن نطعن فيهم وفيما نقلوه، ونخطئهم، ولهذا يقول أبو الخطاب الكلوذاني في عقيدته:

قالوا: النزول؟ فقلت: ناقله لنا قوم هم نقلوا شريعة أحمد

قالوا: فكيف نزوله؟ فأجبتهم: لم يُنْقلِ التكييف لي في مسند

يقول: ناقلوه لنا هم الذين نقلوا الشريعة، فيكف نرد هذا النقل ونقبل أمثاله وعشرات الأمثال له؛ لمجرد أن العقل أنكر هذا في زعمكم؛ مع أنه زعم خاطئ؟، وإذا أثبتناه فلا نخوض فيما وراء ذلك -كما تقدم- مع أننا لا نقول: إن نزوله يشبه نزول الإنسان من كذا وكذا؟ فإن هذا خطأ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015