على تقدير أن هذا يُستشهد به، فيه إثبات أثر الغضب، وأثر الرضى، ولو لم يأت في هذا الحديث، ولكن ذلك من مقتضياته، فأنت تقول للإنسان الذي تنصحه: لا تفعل ما يغضب الله، هذا الفعل يغضب الله، فهو يعرف أن الله إذا غضب يعاقب، اتبع ما يرضي الله عليك أو بما يرضى به عنك ربك، فهو يعرف أنه إذا رضي الله عنه أثابه، فهو يحرص على الفعل الذي به يكون ربه راضياً عنه، ويبتعد عن الفعل الذي يكون به الرب عليه غضبان، لأنه يعرف أن في هذا الغضب عذاباً، وفي الرضا ثواباً. إذاً فلهما آثار في الدنيا وفي الآخرة.

ويقال كذلك أيضاً في الصفات الأخرى؛ كصفة السخط، وصفة الكراهية، وصفة المقت، وصفة الأسف، وصفة الكيد، ويقال: إن الله يمكر بهؤلاء، يعني يعطيهم ثم يعطيهم، ثم يأخذهم على حين غفلة، فكأنه مكر بهم.

ورد في بعض الآثار؛ لما ذكر تمادي بعض الكفار والعصاة، قال: (مُكر بالقوم ورب الكعبة) يعني خُدعوا بما وسع عليهم، وما توسعوا فيه، مما أوقعهم في الذنوب، إلى أن حصل لهم ما حصل من نزول العذاب بهم بغتة وهم لا يشعرون.

فنستفيد أن هذه الآيات دالة على صفات فعلية، وأنها غير مكيفة، وأن الذين أنكروها وبالغوا في إنكارها ليس معهم إلا أدلة عقلية أجاب عنها شيخ الإسلام؛ كما في أول التدمرية لما قال لهم: أنتم تعترفون بالإرادة، والإرادة هي ميل النفس إلى المراد، وتنكرون الغضب وتقولون: الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام فلماذا فرقتم بينهما قالوا لا نفسر الأراء بأنها ميل القلب إلى المراد، فإن هذه إرادة المخلوق.

قال: فكيف تفسرون الغضب بأنه غليان دم القلب لطلب الانتقام، فإن هذا غضب المخلوق، فقد فرقتم بين متماثلين؛ أثبتم الإرادة ونفيتم الغضب، وكلاهما يفسر عندكم بهذا التفسير الذي هو من خصائص المخلوقين، فانقطعت بذلك حجتهم.

مسألة: بعض أحاديث الصفات

قوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015