وقد تأولها كثير من المنكرين، وأنكروا إطلاق النفس على الله تعالى، مع أنها أطلقت في القرآن في هذه الآيات وما أشبهها، وكذلك في بعض الأحاديث، ولكن لا عبرة بهم ولا بتأويلاتهم، فنحن نتقبلها، ونكل كيفيتها إلى خالقها، هذا إثبات صفة النفس.
أما الآية التي بعدها: إثبات صفة المجيء (وجاء ربك) (الفجر:22) ، وكذلك قوله تعالى: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة) (البقرة:210) ، ومثلها قوله تعالى: (هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك) (الأنعام: 158) .
هذه الآيات مما حصل فيها اختلاف كثير وإنكار كبير للمتأخرين من المتكلمين وبالغوا في تأويلها وحرفها عن ظاهرها وتجدهم ينكرون صفتي المجيء والإتيان ونحو ذلك، بل قرأت في تفسير بعض المعتزلة أو الأشاعرة - لمَّا أتى على الآية من سورة البقرة: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله) قال: وأما إتيان الله؛ فقد أجمع المسلمون على أن الله منزه عن المجيء والذهاب لأن هذا من شأن المحدثان والمركبات هذا علك منزه عن المجيء والذهاب.
وسمعت من حكى مناظرة جرت بين سني وبين مبتدع؛ فقال المبتدع: أنا أكفر برب يزول عن مكانه. فقال السني: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء، فجعلوا المجيء والذهاب من صفات المحدثات والمركبات -كما يقولون- ونزهوا الرب عن أمثال هذا. وجعلوا النزول والمجيء والإتيان الذي ذكره الله تعالى أنه زوال عن مكانه وحركة، وجعلوا هذا تشبيهاً لمجيء المخلوق وانتقاله وما أشبه ذلك، ولكن لا إنكار في شيء من ذلك؛ فالأحاديث والآيات صريحة واضحة وليس لنا أن نتدخل في تأويلها، ونسعى في تحريفها.
ثم إن المتأخرين من المتكلمين يقولون في آيات المجيء والإتيان إن فيها قولين: