وذكر أن الله خلق آدم بيده في قوله تعالى: (لما خلقت بيدي) (ص:75) وأن تخصيص آدم بيده دليل على أنها اليد التي هي صفة من صفات الله تعالى. وأنه لو كان المراد خلقت بقدرتي لم يكن لآدم خصوصية، فإن إبليس خلق بقدرة الله، وكذلك الشياطين والجن، والمخلوقات كلها، والملائكة والسماوات والأرض كلها خلقت بقدرة الله، فلا يكون لآدم ميزة على هذه المخلوقات؛ على قولهم هذا.

والصواب أن قوله تعالى: (خلقت بيدي) دلَّ على فضيلة اختص بها، ومن ثم فإن اليد هنا على الحقيقة، وهذا القول هو الأرجح، وأنها صفة من صفات الله أثبتها لنفسه، فلا نخوض في أكثر من ذلك، وننزه الله عن أن يكون مشابهاً للمخلوقات.

مسألة: بعض آيات صفة النفس والمجيء والإتيان

وقوله:

وقوله تعالى إخبار عن عيسى عليه السلام أنه قال: (تعلم ما في نفس ولا أعلم ما في نفسك) (المائدة:116) ، وقوله تعالى: (وجاء ربك) (الفجر:22) ، وقوله تعالى: (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله) (البقرة:210) .

شرح:

قوله: (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) فيها إثبات النفس لله تعالى، والنفس حقاً تطلق على الذات، قال الله تعالى: (كتب ربكم على نفسه الرحمة) (الأنعام:54) على نفسه يعني على ذاته، وتقول: جاءني فلان نفسه يعني تأكيداً حتى لا يُتوهم أنه جاءك رسوله أو ابنه، فإثبات النفس على أنها الذات معروف، ويمكن القول بأن قصد عيسى عليه السلام في قوله: (تعلم ما في نفسي) ما في ضميري؛ ما أُسره في نفسي وما أخفيه في قلبي، ومالا أتكلم به بل أحدث به نفسي خفية في قلبي، (ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب) .

وبكل حال؛ هذا دليل على إثبات هذه الصفة، وإذا أطلقت النفس على الذات، أو أطلقت على ما في النفس يعني ما هو خفي، وما يضمره الإنسان، أو يخفيه الرب تعالى كان هذا سائغاً، وكان دليلاً واضحاً على إثبات هذه الصفة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015