الجواب: أن المراد جنس اليد، فإن الملك الحقيقي بيده سبحانه وتعالى، ولماذا ذكرها بلفظ جمع: (مما عملت أيدينا) (يس:71) ؟ فالجواب أن المراد هنا التعظيم، فإنه ذكر نفسه بلفظ الجمع الذي يدل على العظمة، فإنه واحد سبحانه، ولم يقل (أيديه) بل قال: (أيدينا) بضمير الجمع مثل قوله: (إنا خلقنا الإنسان) (الإنسان:2) (إنا) ضمير للجمع، والجمع هنا للتعظيم، فكذلك يقال (أيدينا) للجمع، فالجمع للتعظيم؛ جمع الأيدي وجمع الضمير، فهذا وجه الإفراد ووجه الجمع.

يبقى التثنية في هذه الآية ونحوها، فذكرها بالتثنية دليل على أنها مقصودة، وأن لله تعالى يدين كما وصف نفسه، ودليله في الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: (وكلتا يديه يمين) ، فدل على أن العدد مقصود، وأن لله يدين كما وصف نفسه، هذا هو قول أهل السنة.

أما النفاة فماذا يقولون؟ تجدون في تفاسير الأشاعرة والمعتزلة ونحوهم -لهذه الآيات عجائب من أمرهم، وقد حكى ابن جرير رحمه الله عند تفسيره هذه الآية في سورة المائدة أقوالاً عنهم، وسماهم: (أهل الجدل) ، في قوله: اختلف أهل الجدل في قوله تعالى: (بل يداه مبسوطتان) (المائدة:64) . فذكروا أن المراد باليد النعمة، أو أن المراد باليد القدرة، أو أن المراد بذكر اليدين هنا تمثيل للكرم (يداه مبسوطتان) أي هو كريم وجواد يعطي ويكثر العطاء، وأن العرب تذكر اليدين وبسطهما وليس المراد حقيقة البسط، وإنما المراد كثرة العطاء، واستدلوا بقوله تعالى: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك) (الإسراء:29) أي مغلولة عن النفقة (ولا تبسطها كل البسط) (الإسراء:29) ، أي تنفق نفقة طائلة.

ثم في النهاية قال رحمه الله: والقول الأخير أن اليد صفة من صفات الله. ثم أخذ ينصر هذا القول، ويؤيده، وأنها صفة من صفات الله تعالى أثبتها لنفسه وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015