ولا شك أن هذا رد للأدلة الواضحة، وتكلف في ردها، ومعلوم أن نبي الله صلى الله عليه وسلم فصيح، يقدر على أن يوضح للناس ما يهمهم وما يعتقدونه، فلو كان المراد أن يهول الأمر لأفصح لهم بذلك، فكونه يقول:) إن الله يقبض السماوات والأرضين، ثم يهزهن) لا شك أن هذا إخبار بشيء واقع ولابد؛ وما ذاك إلا ليبين أن الرب سبحانه وتعالى ذو العظمة، وذو الجلال والكبرياء الذي تصغر عنده المخلوقات والأجرام العلوية، والأجرام السفلية والمخلوقات كلها مع تباعدها وتنائيها -حقيرة وفقيرة وذليلة ومهينة أمام عظمة الباري وجلاله وكبريائه.

إذا تصور الإنسان عظمة هذه المخلوقات، ثم حقارتها أمام عظمة الرب سبحانه وتعالى عظم ربه في قلبه وهاب أن يعصيه، وهاب أن يخالف أمره، واستحضر أنه على كل شيء قدير، وأنه لا يتعاظمه شيء، وأن جميع المخلوقات هي ملكه وخلقه وتدبيره، فيكون هذا سبباً في ذكر الأدلة على عظمة الله سبحانه وتعالى، حتى قال ابن عباس رضي الله عنه: (ما السماوات السبع والأرضون السبع في كف الرحمن إلا كخردلة في يد أحدكم) الخردلة التي هي أصغر من حبة الدخن كما هو معروف، فالله تعالى ذكر أنه يقبض السماوات والأرض، وروى ابن عباس ذكر مقدارها في قبضة الرب سبحانه وتعالى، والحاصل أن الكلام على إثبات اليدين.

ونقول لماذا ذكر الله اليد بلفظ مفرد كقوله: (تبارك الذي بيده الملك) (الملك:1) ؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015