قد عرفنا أن صفات الله تعالى تنقسم إلى قسمين: صفات ذات، وصفات فعل، وأن الصفات الذاتية هي التي تلزم الذات، وتكون ملازمة للموصوف بها دائماً لا تنفك ولا تنفصل في وقت من الأوقات، فهي جزء من ذات الشيء التي هي ماهيته وما يتكون منه.

فمثلاً إذا قلنا إن هذا الإنسان الماثل أمامنا يوصف بصفات ذاتية، وبصفات فعلية؛ فسمعه، وبصره، ولسانه، ويده، ورجله، وبطنه، وظهره أجزاء منه، وكذا أجزاؤه الباطنة كقلبه، ورئتيه، وكبده، وأمعائه هي أجزاء منه، فنحن نقول: إن الصفات الملازمة للموصوف هي صفات ذاتية.

فالله سبحانه وتعالى له المثل الأعلى، وقد أخبر عن نفسه بأنه متصف بصفات ملازمة له لا يمكن أن تنفك عنه، فمن ذلك هاتان الآيتان، فصفة الوجه صفة ذاتية؛ لا يمكن أن يكون بلا وجه في وقت من الأوقات، وقد ذكر الله تعالى صفة الوجه في عدة آيات منها هذه الآية: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) (الرحمن:27) ، ومنها قوله تعالى: (كل شيء هالك إلا وجهه) (القصص:88) .

وترد في مواضع كثيرة كقوله تعالى: (إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى) (الليل:20) ، وكقوله تعالى: (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً) (الإنسان:9) ، وكقوله تعالى: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه) (الكهف:28) .

وهذه الآيات كلها دالة على صفة الوجه، فإذا أثبته أهل السنة؛ فإنهم يقولون: نثبته كما ورد، ولكن لا نخوض في أكثر من ذلك، ولا نقول: إن وجه الله يشتمل على كذا وكذا، حيث إن ذلك يحتاج إلى دليل. وهذا هو القول الصحيح.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015