وأما الأحاديث فقد ورد -أيضاَ- فيها كثيراً إثباتُ صفة الوجه كقوله صلى الله عليه وسلم: (وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلى رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن) ، وفي الحديث المشهور في الدعاء: (أسألك لذة النظر إلى وجهك) وفي حديث الحجاب يقول صلى الله عليه وسلم: (حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره) . وغير ذلك، وهي أحاديث صحيحة مشهورة تلقاها، وتقبلها أهل السنة، وآمنوا بهذه الصفة كما ذكرها الله وأثبتها لنفسه، وقالوا: هذه صفة كمال.

وأما قوله تعالى: (ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله) (البقرة:115) فهذه تكلم عليها شيخ الإسلام ابن تيمية، وقال: ليست من آيات الصفات، فإن المراد هنا (فثم وجه الله) أي فثم وجهة الله التي وجهكم إليها لتصلُّوا إليها، فلا يصح استدلال أهل الحلول بها على أن وجه الله في كل مكان -تعالى الله عن قولهم- بل نقول: وجه الله في هذه الآية: الجهة التي يوجه العبد إليها؛ أي فثم الوجهة التي وجهكم إليها، وأمركم بأن تتوجهوا إليها؛ لقول الله تعالى: (ولكل وجهة هو موليها) (البقرة: 148) ، ولا يقال: إن هذا تكلف، وإن هذا تأويل، لأن هذا تقتضيه اللغة.

وأما من أنكر صفة الوجه وهم جميع المبتدعة كالمعتزلة، ومن انضم إليهم كالرافضة على عقيدة الاعتزال، وكذلك الخوارج، ومنهم الإباضية - ينفون صفة الوجه لله تعالى، ويفسرونه بالذات، إذا جاءتهم الآيات التي فيها إثبات الوجه قالوا: المراد الذات، قال تعالى: (ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) (الرحمن:27) أي ذاته (كل شيء هالك إلا وجهه) (القصص:88) أي ذاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015