ولكن تولى الخلافة بعد المأمون أخوه المعتصم، وكلاهما من أولاد الرشيد رحمه الله، وهو رشيد كاسمه؛ كان يغزو سنة ويحج سنة، وكان ينصر السنة كأبيه وجده، ولكن ولداه المأمون والمعتصم اتصل بهما هؤلاء المبتدعة، وزينوا لهما البدعة التي هي إنكار الصفات وإنكار كلام الله تعالى، وإنكار أن يكون القرآن كلامه، والقول بأنه مخلوق، حتى جيء بالإمام أحمد وبقي سجيناً عند المعتصم، وجلد في زمنه عدة مرات، وأطيل تعذيبه، وعذّب عذاباً شديداً، ولكنه تحمل ذلك وصبر.
ثم بعد ثماني سنين مات المعتصم، وتولى بعده ولده الواثق الذي جرت عنده قصة الأدرمي، والواثق ولد المعتصم، والصحيح أنه رجع عن هذه المقالة بسبب هذه الحجة التي احتج بها الأدرمي رحمه الله.
وتولى بعده ولده المتوكل بن الواثق وهو الذي نصر السنة، وأكرم الإمام أحمد، وأعزه ومكنه من أن يظهر السنة، واستدل على أن أباه الواثق قد رجع عن هذه المقالة بقصة الأدرمي معه؛ حيث إنه قال: لا وسع الله على من لم يسعه ما وسع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان وعلياً. ما دام أنه وسعهم السكوت، فكيف لا يسعنا؟ الأولى بنا أن نسكت كما سكتوا، وأن نكل الناس إلى ما يعتقدونه من الأدلة.
ومع أن الإمام أحمد -رحمه الله- قد بالغ في ذكر الأدلة التي استدل بها عندهم. وذكر لهم أحاديث وآيات إلا أنهم لم يقتنعوا واستمروا على مقالتهم الباطلة إلى أن ظهر الحق وأعز الله أهله والحمد لله.
مسألة: بعض آيات الصفات
قوله:
فمما جاء من آيات الصفات قوله تعالى: (ويبقى وجه ربك) (الرحمن:27) ، وقوله تعالى: (بل يداه مبسوطتان) (المائدة:64) .
شرح: