قوله: (اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم) اتبعوا من قبلكم؛ يخاطب تلامذته، وتلامذته لم يكونوا من الصحابة ولم يدركوا زمن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فإما أنهم من مسلمة العراق الذين ما أسلموا إلا في خلافة عمر، أو في خلافة عثمان، أو من المهاجرين من أهل اليمن، ونحوهم، فهو يوصي أولئك، فيقول: اتبعوا صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم، واقتدوا بهم، ولا تحدثوا في الدين ما لم يأذن به الله، ولا تشرعوا ما لم يكن في الشريعة ولا تكونوا من الذين قال الله فيهم (شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) (الشورى:21) فإن الله تعالى أكمل الدين على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، فلا حاجة إلى بدع تضاف إلى هذه الشريعة، فقد كفيتم، يعني كفاكم من قبلكم حيث حملوا الشريعة، وبينوها وبينوا لكم ما تقولونه بألسنتكم وما تعتقدونه بقلوبكم، وما تعملونه بأبدانكم فيما يتعلق بالعبادات والمعاملات، وفيما يتعلق بالأخبار والنقول، وفي ذلك كفاية.

وفي الأثر الآخر أنه قال: (من كان مستناً فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، أولئك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه، ولحمل دينه؛ فاعرفوا لهم حقهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم) تزكية منه رضي الله عنه للصحابة، وأمر لمن بعدهم أن يقتدي بهم، وأن لا يبتدع من قبل نفسه، وكأنه استشعر أن هناك من سوف يقوم ببدع، وقد نقل هو أيضاً تحذيراً عن بعض البدع كبدعة الخوارج، فإنه روى بعض الأحاديث التي فيهم مع كونه مات قبل أن يخرجوا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015