وهكذا أيضاً توسطهم في الأولياء والصالحين، وذلك أن هناك، طائفتين متطرفتين في أمر الأولياء طائفة قد غلت، وطائفة قد جفت. فالطائفة الذين غلوا هم الذين يعبدون الأولياء. فالولي عندهم هو الرجل الصالح الذي قد حصل له من القرب ومن الصلاح ما جعله محبوباً عند الله وأنه ولي من أولياء الله يجري الله على يديه من خوارق العادات ما لم يجره على يدي غيره. فقالوا: هذا الولي يستحق منا أن نقدسه، فصاروا في حياته يغلون فيه، فيتمسحون به وبثيابه ويتبركون بما مسه بالنعل وبغيره، وساروا بعد موته يعكفون عند قبره، ويتمسحون بقبره، ويصلون عنده، ويعتقدون أن للصلاة عنده مزية وفضيلة، وأنه يشفع لهم في تكفير سيئاتهم وفي قبول صلواتهم وفي مضاعفة حسناتهم فيعملون عند قبره من الأعمال ما لا يصلح أن تكون إلا لله وحده. فهؤلاء قد غلوا وتجاوزوا حدهم وطورهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015