وقد تعوضت عن كل بمشبه ... فما وجدت لأيام الصبا عوضا
وليس لي عوض إلا في بقاء ذاتك المحروسة ودوام حياتك العزيزة المأنوسة ثم أني أخاف والعياذ بالله تعالى أن هذه الفتن قد أقبلت والحركات الداهية التي وجوه الخلاص منها قد أشكلت تستأصل شافة أسلافنا الكرام وتقرض شرف أجدادنا الملوك العظام فاخترت العزلة لذلك فإنها أسلم الطرق والمسالك (قال الملك) لقد صدقت إذ نطقت وتحريت الصواب في الخطاب وأنا أتحقق حسن نيتك وخلوص طويتك وحسن وفائك ويمن آرائك فإنك أخ شقيق وصدوق صديق ولكن تعلم أن هذا الوزير رجل خطير ورأيه مستنير وفضله غزير وهو من أصل كبير وله علينا حق كثير وأريد أن يقع ما عزمت عليه وفوضت فكرك المصيب إليه مع محاورته ومناظرته ومشاورته فإن كلا منكما ناصح مشفق وحكيم مدقق وعالم محقق وفي مثل هذه الأشياء إذا اتفقت الآراء وطال النفس تكاشف نور القبس وسعد البخت وتمكن التخت وصح الحق ووضح الصدق لا سيما إذا كان الكلام بين عالمين والسؤال والجواب من فاضلين كاملين (قال الحكيم) أيها الملك العظيم إذا قام الإنسان في صدد المعارضة وتصدى في البحث إلى المعاكسة والمناقضة لا سيما إن كان من أهل الفصاحة واللسن وساعده في ذلك الإدراك الحسن لا يعجزان يقابل الإيجاب بالسلب والاستقامة بالقلب والعكس بالطرد والقبول بالرد ويكفي في جواب المتكلم إذا أورد مسألة لا نسلم وقد قيل في الأقاويل لا تنفع الشفاعة باللجاج ولا النصيحة بالاحتجاج