أما أنا فقد بذلت جهدي وأديت في النصيحة ما عندي وكشفت عن مخدرات التحقيق أستار السبك وكررت على محك التصديق آثار الحك فإن وعيتم كلامي يسمع حي فقد تبين الرشد من الغي وإن أعرضتم عن عين اليقين فلا إكراه في الدين فتصدى الوزير للكلام وحسر عن ثغر بيانه اللئام وبرز في ملابس الملاينة والخداع وسلك بخبث طرق الملاطفة والاصطناع ودس السم في الشهد ونزل من اليفاع إلى الوهد وقال الحمد لله الكريم الذي من على مولانا الملك بهذا الأخ الحكيم الفاضل الحليم الكامل العليم الناظر في العواقب ذي الرأي المصيب والفكر الثاقب فلقد بالغ في النصيحة بعباراته الصحيحة وإشاراته المليحة وكل شيء أبداه إلى المسامع وأنهاه هو الذي يرتضيه العقل ويرضيه العدل ويقبله الطبع القويم إذ هو المنهج المستقيم يترتب عليه الذكر الجميل ويحصل به الثواب الجزيل لكن الذي نعرفه في حفظ الرياسة وإقامة ناموس السياسة هو الذي عليه القوم في هذا اليوم وجرت عليه عادات الأكابر وانخرط في سلكه الأصاغر فإن الزمان فسد والفضل فيد كسد وزاد الحقد والحسد وتشرب المكر والأذى الروح والجسد وكل في الروغان ثعلب وفي العدوان أسد وصار هذا مقتضى الحال والمحمود من الخصال والمطلوب من الرجال والناس يدورون