أفكاره فلمحت أخاها باكيا مطرقا عانيا قد أيس من نفسه وتيقن الإقامة بحبسه لأنه يعلم أنها لا تترك زوجها وابنها ولا تختاره عليهما ولا تميل إلا إليهما فأفكرت طويلا واستعملت الرأي الصائب دليلا ثم أداها الفكر الدقيق وأرشدها التوفيق وقالت أختار أخي الشقيق فبلغ الضحاك ما كان من أمرها واختيارها لأخيها بفكرها فدعاها وسألها عن سبب اختيارها أخاها وقال إن أتت بجواب صواب وهبتها إياهم مع زيادة الثواب وإن لم تأت بفائدة قاطعة وعائدة في الجواب نافعة كانت في قتلهم الرابعة فقالت اعلم واسلم إني ذكرت زوجي وطيب عشرته وأوقات معانقته ولذته وما مضى معه من حسن العيش وانقضى من خفة الأحلام والطيش فملت إليه وعولت في الطلب عليه ثم أبصرت ابني فتذكرت مقامه في بطني وما مضى عليه من عاطفة وشفقة عامة في الأيام السالفة فهيمني حبه القديم وشكله القويم فملت إلى اختياره وخلاصه من بواره ثم لمحت أخي المتقدم عليهما فقست مقامه بالنظر إليهما فقلت إني امرأة مرغوبة قينة عاقلة مطلوبة إن راح زوجي فعنه بدل وإن حصل الزوج وجد الولد وحصل فتهيأ الغرض ووجد عنهما العوض وأما الأخ الشقيق عما عنه عوض في التحقيق لأن أبوينا ماتا وفاتا وصارا تحت الأرض رفاتا فهذا الذي أدى إليه افتكاري ووقع عليه اختياري وأنشد لسان القال فيما قال (شعر) وكم أبصرت من حسن ولكن عليك من الورى وقع اختياري
قال فاستحسن الضحاك هذا الكلام ووهبها جماعتها مع زيادة الأنعام
(قال الحكيم) وإنما أوردت هذا المثل لمولانا الملك الأجل وعرضته على الحضار ومسامع النظار ليعلم أن لي عن كل شيء بدلا وأما عن مولانا السلطان فلا كما قال من أجاد في المقال: