في هذه المدارس وأنشأ بجانبها مكتبة خاصة وكان يشترط في الرجل الذي يتولى امانة هذه المكتبة أن يكون
من أهل العلم والتقوى متبحراً في اسماء الكتب والمؤلفين وكان المشرف على المكتبة يعير الطلبة والمدرسين مايطلبونه من الكتب بطريقة منظمة دقيقة ويسجل اسماء الكتب المستعارة في دفتر خاص وهذا الأمين مسؤول عن الكتب التي في عهدته ومسؤول عن سلامة أوراقها (?) وتخضع هذه المكتبة للتفتيش كل ثلاثة أشهر على الاقل وكانت مناهج هذه المدارس يتضمن نظام التخصص، فكان للعلوم النقلية والنظرية قسماً خاصاً وللعلوم التطبيقية قسماً خاصاً أيضاً، وكان الوزراء والعلماء من أصحاب الثروات يتنافسون في انشاء المعاهد والمدارس والمساجد والأوقاف الخيرية (?).
لقد كان للعلماء والأدباء مكانة خاصة لدى محمد الفاتح، فقرب إليه العلماء ورفع قدرهم وشجعهم على العمل والانتاج وبذل لهم الأموال ووسع لهم في العطايا والمنح والهدايا ليتفرغوا للعلم والتعليم ويكرمهم غاية الإكرام ولو كانوا من خصومه؛ فبعد أن ضم إمارة القرمان الى الدولة أمر بنقل العمال والصناع الى القسطنطينية غير أن وزيره روم محمد باشا ظلم الناس ومن بينهم بعض العلماء وأهل الفضل ومن بينهم العالم احمد جلبي بن السلطان امير علي فلما علم السلطان محمد الفاتح بأمره اعتذر إليه واعاده الى وطنه مع رفقائه معززاً مكرماً.
وبعد أن هزم اوزون حسن زعيم التركمان وكان هذا الزعيم لا يلتزم بعهد ويناصر أعداء العثمانيين من أي ملة كانت، فبعد أن هزمه محمد الفاتح وقع في يده عدد كبير من الأسرى، فأمر السلطان الفاتح بقتلهم (إلا من كان من العلماء واصحاب المعارف مثل القاضي محمد الشريحي وكان من فضلاء الزمان، فأكرمه السلطان غاية الاكرام.