المبحث السادس
شيء من أعماله الحضارية
كان السلطان محمد الفاتح محباً للعلم والعلماء ولذلك اهتم ببناء المدارس والمعاهد في جميع أرجاء دولته. وقد كان السلطان أورخان أول من أنشأ مدرسة نموذجية في الدولة العثمانية وسار بعده سلاطين الدولة على نهجه وانتشرت المدارس والمعاهد في بروسة وأدرنة وغيرها من المدن.
ولقد فاق محمد الفاتح أجداده في هذا المضمار وبذل جهوداً كبيرة في نشر العلم وإنشاء المدارس والمعاهد وأدخل بعض الاصلاحات في التعليم واشرف على تهذيب المناهج وتطويرها وحرص على نشر المدارس والمعاهد في كافة المدن الكبيرة والصغيرة وكذلك القرى وأوقف عليها الأوقاف العظيمة. ونظم هذه المدارس ورتبها على درجات ومراحل، ووضع لها المناهج، وحدد العلوم والمواد التي تدرس في كل مرحلة، ووضع لها نظام الامتحانات فلا ينتقل طالب من مرحلة الى اخرى إلا بعد اتقانه لعلوم المرحلة السابقة ويخضع لامتحان دقيق وكان السلطان الفاتح يتابع هذه الأمور ويشرف عليها واحياناً يحضر امتحانات الطلبة ويزور المدارس بين الحين والحين ولا يأنف من استماع الدروس التي يلقيها الاساتذة، وكان يوصي الطلبة بالجد والاجتهاد ولا يبخل بالعطاء للنابغين من الاساتذة والطلبة وجعل التعليم في كافة مدارس الدولة بالمجان وكانت المواد التي تدرس في تلك المدارس: التفسير، والحديث، والفقه، والأدب، والبلاغة، وعلوم اللغة من المعاني والبيان والبديع، والهندسة ... الخ.
وأنشأ بجانب مسجده الذي بناه بالقسطنطينية ثمان مدارس على كل جانب من جوانب المسجد أربعة مساجد يتوسطها صحن فسيح وفيها يقضي الطالب المرحلة الأخيرة من دراسته وألحقت بهذه المدارس مساكن للطلبة ينامون فيها ويأكلون فيها طعامهم ووضعت لهم منحة مالية شهرية، وكان الموسم الدراسي على طول السنة