ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: «ضحكت من ناس يؤتى بهم من قبل المشرق في النكول يساقون إلى الجنة».
وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والخلفاء الراشدون من بعده، وأمراء المسلمين من بعدهم يعدون ما استطاعوا من القوة لقتال أعداء الله، وإرهاب القريب والبعيد منهم بذلك؛ امتثالاً لما أمرهم الله به في قوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} الآية، وكانوا يجعلون القوة ردءا للدعوة إلى الإسلام، فكل قوم بلغتهم الدعوة الإسلامية فلم يقبلوها ولم يبذلوا الجزية إن كانوا ممن تؤخذ منهم الجزية فإنهم يهاجمونهم بما أعدوا لهم من القوة حتى يضطروهم إلى القتل أو الأسر أو الهرب، وهذا معلوم من سيرتهم مع أعداء الله تعالى، ولا ينكره إلا جاهل أو مكابر معاند، وقد جعل الله لهم في اتخاذ القوة خيرًا كثيرا ونصرهم وظفرهم، وفتح لهم مشارق الأرض ومغاربها، ومكن لهم في الأرض، وأظهرهم على الأمم الكثيرة من أعداء الإسلام، ومنحهم أكتافهم، وملكهم رقابهم، يقتلون فريقًا منهم ويأسرون فريقًا آخر، حتى اتسعت رقعة الإسلام ودخل فيه من تلك الأمم ما لا يحصيه إلا الله تعالى.
وكثير منهم إنما دخلوا في الإسلام بسبب القوة التي غلبتهم على أنفسهم، وأوقعتهم أسارى في أيدي المسلمين، فصار ذلك سببا لمعرفتهم الإسلام، ورغبتهم الدخول فيه باختيار منهم، وظهر بذلك مصداق قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل».
وليس العجب من صاحب المقال في تعاميه عن هذه الأمور الجلية،