طريق الدعاء إلى الإسلام، وهذا يبطل قول صاحب المقال: إنهم إنما يقاتلون دفاعًا عن الإسلام، إذا اعتدوا على المسلمين، أو وضعوا العراقيل في طريق الدعوة.
وهذه الآية الكريمة كافية في إبطال ما قرره هذا المثبط الذي أشرنا إليه، وما كان يدعوا إليه هو وأشباهه من مسالمة الكفار ومتاركتهم.
الآية الثانية: قوله تعالى: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 36].
الآية الثالثة: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً} [التوبة: 123].
الآية الرابعة: قول الله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 73، التحريم: 9].
الآية الخامسة: قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29].
فدلت هذه الآية الكريمة على أن العلة في قتال أهل الكتاب هي ما هم عليه من الكفر بالله واليوم الآخر، وتحليل ما حرم الله ورسوله، والإعراض عن الإسلام الذي هو دين الحق، ولو كان الاعتداء ووضع العراقيل علة للقتال لذكر ذلك ولم يهمله؛ قال الله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: 38]، وقال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: 64].