ومدة من كان له عهد من المشركين قبل أن تنزل براءة أربعة أشهر من يوم أذن ببراءة إلى عشر من أول شهر ربيع الآخر.
وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- في هذه الآية: أمره الله تعالى أن يضع السيف فيمن عاهد، إن لم يدخلوا في الإسلام، ونقض ما كان سمى لهم من العهد والميثاق، وأذهب الشرط الأول. انتهى.
فقد أباح الله تبارك وتعالى في هذه الآية الكريمة دماء المشركين، وأمر المسلمين أن يقتلوهم حيث وجدوهم من الأرض، ويأخذوهم أسرى، ويقصدوهم بالحصار في بلادهم، ويضيقوا عليهم بوضع الأرصاد لهم في طريقهم ومسالكهم حتى يسلموا، أو يستسلموا للقتل أو الأسر، وهذا يبطل ما زعمه صاحب المقال من أن الإسلام لا يجيز قتل الإنسان وإهدار دمه وماله لمجرد أنه لا يدين به، ويبطل أيضا قوله: إن الإسلام لا يجيز مطلقًا أن يتخذ المسلمون القوة من سبل الدعوة إلى دينهم، فإن ما أمر به في هذه الآية لا يمكن المسلمين فعله إلا بالقوة.
ودلت الآية على أن العلة في قتال الكفار هي ما هم عليه من الشرك بالله تعالى، والإعراض عن دين الإسلام، فيجب قتالهم ما دامت العلة موجودة فيهم، فإذا زالت العلة وجب الكف عنهم، ولهذا قال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ}، وهذا يبطل قول صاحب المقال: إنهم إنما يُقَاتلوا لترك العدوان لا ليسلموا.
ودلت الآية أيضا على أنهم يُبدءون بالقتال، من أجل ما هم عليه من الشرك، وإن لم يحصل منهم اعتداء على المسلمين، ولا وضع عراقيل في