قلت: أما حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- فروى ابن أبي شيبة عنه أنه قال: ما أدى زكاته فليس بكنز.
وأما حديث جابر وأبي هريرة -رضي الله عنهما- فسيأتي ذكرهما قريبا إن شاء الله تعالى.
وقال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أيما مال أديت زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونًا في الأرض، وأيما مال لم تؤد زكاته فهو كنز يكوى به صاحبه وإن كان على وجه الأرض.
ويشهد لهذه الآثار ما تقدم قريبا في حديث جابر بن عبد الله، وأبي هريرة، وابن عمر، وابن مسعود -رضي الله عنهم- أن الذي لا يؤدي زكاة ماله يمثل له ماله يوم القيامة شجاعًا أقرع يطوقه، ويقول: أنا مالك، أنا كنزك.
وفي سنن أبي داود، والدارقطني، ومستدرك الحاكم، عن أم سلمة -رضي الله عنها- قالت: كنت ألبس أوضاحًا من ذهب فقلت: يا رسول الله، أكنز هو؟ فقال: «ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكي فليس بكنز» قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، ووافقه الحافظ الذهبي في تلخيصه.
قال أبو السعادات ابن الأثير: الكنز في الأصل المال المدفون تحت الأرض، فإذا أخرج منه الواجب عليه لم يبق كنزًا وإن كان مكنوزًا، وهو حكم شرعي تجوز فيه عن الأصل.
وقال ابن عبد البر رحمه الله تعالى: والاسم الشرعي قاض على الاسم اللغوي، ولا أعلم مخالفًا في أن الكنز ما لم تؤد زكاته إلا شيئاً روي عن علي، وأبي ذر، والضحاك، وذهب إليه قومٌ من أهل الزهد، قالوا: إن في
المال حقوقًا سوى الزكاة.