جرى على النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه -رضي الله عنهم- في بعض أسفارهم من النوم عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بلالاً أن يكلأ لهم الليل ويوقظهم للصلاة، فغلبه النوم، وفي القصة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - فزع حين استيقظ وكذلك أصحابه قاموا فزعين، وقال بعضهم لبعضهم: قد فرطنا في صلاتنا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنه لا تفريط في النوم، إنما التفريط في اليقظة».
وهكذا حال أتباعهم المحافظين على الصلاة إذا غلب أحدهم النوم عن صلاته قام فزعًا مغتمًا حزينًا على فوات الوقت، يرى أن نومه عن الصلاة مصيبة من المصائب، وهذا بخلاف حال أهل الكسل والإضاعة والتهاون بالصلاة، فإنهم يغضبون إذا أوقظوا للصلاة في وقتها، ويشق ذلك عليهم، ويكرهونه أشد الكراهة، وربما كلح أحدهم في وجه والديه إذا أيقظاه، وواجههما بالقول السيء، فيجمع بين جرمين عظيمين؛ أحدهما: التهاون بالصلاة، وثانيهما: عقوق الوالدين، ويشتم غير والديه، ويسبهم ويزجرهم عن التعرض لإيقاظه، وقلَّ أن يقوم أحدهم إلى الصلاة إذا أُوقظ لها، بل يعود إلى مضجعه حتى تشبع نفسه الخبيثة من النوم، وهذا الضرب إذا لم يخش أحدهم من التأديب على التخلف عن الصلاة لم يقم إليها في الوقت إلا نادرًا، ولا سيما في صلاة الصبح، ومن كانت هذه حاله فلا شك أنه مفرط في حال يقظته ونومه، وكيف لا يكون مفرطًا من يُمضي أكثر ليله في أشغال دنياه، أو في أشغال دنيا غيره، أو في البطالة والقيل والقال والعكوف على الملاهي وما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة، فإذا أقبل وقت الصلاة نام ولم يبال بها، وهذا هو التفريط بعينه، والدليل على أن هؤلاء