غرائب الاغتراب (صفحة 208)

أيفرض غسلها عند التوضي ... نعم فرض بلا شك وريب

بإجماع وإن الخلف فيمن ... له خف تخففها بنهب

فعند أبي حنيفة جاز مسح ... عليها كالتي ملكت بكسب

وأحمد لا يجيز المسح فيها ... كذا عن كتبه نقلوه صحبي

وصورة غصب رجل إن شخصاً ... تعمد ضرب إنسانٍ بغضب

فقد الرجل منه فاستحقت ... لقطع رجله في حكم ربي

ففر ولم يمكنه قصاصاً ... وباء بخيبة وعظيم ذنب

وفي إطلاق مغصوبٍ عليها ... مساهلة يراها كل ندب

ودم مولاي أعلى من ذويك ال ... كرام الغر كعباً أي كعب

فتسعى نحو كعبتك المعالي ... كما يسعى إلى الحرم الملبي

تنادي لا على قدمي أسعى ... إليها بل على رأسي ولبي

ومن الغريب ما رأيته في بعض كتب الحنابلة من الخلاف في صحة صلوة من وجب عليه قطع اليد للسرقة أو نحوها ولم يمكن منه.) نعم (الصحيح عندهم الصحة واتفقوا على عدم صحة الصلوة في الثوب المغصوب أو الأرض المغصوبة. والمسألة مفصلة في كتب الأصول والفروع والله تعالى أعلم.

) ومنها (ما جرى في سؤال سأله بقوله:

يا أيها المفتي الذي ... علم الفروع له انتسب

أي احتلام يعتري ... والغسل منه ما وجب

فقلت:

مولاي ذا الفضل الذي ... منه الورى نالوا الأدب

ذاك احتلام أول ... به البلوغ قد وجب

وذاك في قولٍ لهم ... ما سامه ذوو الرتب

وفيه إشارة إلى أن القول بعدم وجوب الغسل بأول مني خارج تحقق به البلوغ لا يعول عليه. والأصح) كما في إمداد الفتاح وغيره (وجوب الغسل منه. ومن الناس من أجاب بأن ذاك احتلام انتبه صاحبه فمسك ذكره حتى هدأت شهوته ثم أطلقه فسأل المنى بلا شهوة. وأنت تعلم أن في عدم وجوب الغسل في هذه الصورة خلافاً أيضاً فلا تغفل.

) ومنها (ما جرى في سؤال سأله بقوله:

يا أيها المفتي الذي ... بعلمه له العمل

للمرء هل شكر إذا ... طعام ظالم أكل

فأجبت على غير ذلك البحر:

أمولاي إن الشكر للمرء قد أتى ... على الرزق نصاً وهو للسحت قد شمل

وخالف في ذاك الشمول جماعة ... وقولهم قد رده السادة الول

فلا بأس في شكر امرئٍ ربه على ... طعام لذي ظلم دعاه إذا أكل

وسألت الواعظ أيضاً فأطال في الجواب ومنه قوله:

يا أيها المولى الذي ... بفضله فاق الأول

سألت عن شكر امرئٍ ... طعام ظالم أكل

نعم يجوز شكره ... وإن يكن ذا غير حل

ذكره في قنيةٍ ... ورد محتار نقل

ذلك عنها وهي لا ... تخفى على من قد سأل

انتهى المراد منه. ثم أنه قد خاض في أمر التسمية على الحرام وذكر أنه كفر ثم أبدى الفرق بين التسمية على الحرام والشكر عليه بأن التسمية قد شرعت في أول الأمر ذي البال والمحرم ليس منه مع أنه قد حظرها الشارع فيه والشكر قد شرع على الرزق والحرام منه عند أهل السنة خلافاً للمعتزلة. وأنا أقول في أمر التسمية على الحرام أنه قد شاع الإكفار بالتسمية غليه والذي اطلعت عليه من تتبع كتب الحنفية والشافعية أن المسألة خلافية فيها عدة أقوال) أحدها (ما سمعت) وثانيها (أن الحرمة إن كانت أصلية كحرمة لحم الخنزير وحرمة الخمر فالتسمية على الذي فيه الحرمة كذلك كفر وإن كانت غير أصلية كحرمة الخبز واللحم المغصوب فالتسمية على المحرم بها ليست بكفر وإنما هي مكروهة) نعم (يكفر بالتسمية إذا قصد الاستخفاف لكن هذا أمر آخر) وثالثها (إن التسمية على الحرام مطلقاً وعلى المكروه مكروهة ولا يلزم من كون المحرم غير ذي بال كون التسمية عليه كفراً. فحمل تبنة مثلاً من الأرض كذلك. مع أن التسمية عليه ليست بكفرٍ إجماعاً. ويخطر لي أني رأيت في بعض الكتب أن هذا هو القول المصحح عند الشافعية وإلى هذا القول أميل. وإياه أختار. ولا شيء عندي أخطر من الإكفار. وساداتنا الحنفية قد تساهلوا في أمره حتى أن منهم من أكفر القائل لمن في الباب أو لمن حظر طعاماً مثلاً باسم الله كما اعتاده كثير من الناس والحق أن ذلك ليس من الكفر في شيءٍ ومثل ذلك عندهم كثير. مع تصريحهم بأن أمر الإكفار خطير. والله تعالى أعلم.

) ومنها (ما جرى في سؤال سأله بقوله:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015