والأمر في مثل هذا سهل والرجل حنفي فلا ينبغي أن يناقش فيما ذهب إليه أجلة مذهبه. ووقفت على كلام في هذا المقام لأبي سعيد مولانا محمد الخادمي الشهير) ونصه (مع قليل حذف عرض على أن قوله تعالى) إن بعض الظن إثم (واقع في مقام التعليل لقوله تعالى) اجتنبوا كثيراً من الظن (وإثمية بعض الظن كيف تكون علة الاجتناب عن الكثير ولا استلزام بينهما. فقلت) أولاً (إن هذا مقام خطابي فيكفي فيه الظن يعني أنه وإن لم يوجد لزوم كلي لكن يمكن أن يوجد لزوم ضمني. وقد وقع في بعض حواشي شرح المواقف أن شرطية الكلية في الكبرى إنما هي في القطيعات وأما في الظنيات فتكفي الأكثرية والاستقراء الناقص ثم بعد برهة من الزمان سيق إلى الخاطر الفاتر أنه يمكن أن يكون لفظ كثير كناية عن الكلية وتكون إثمية بعض الظن على للاجتناب عن جميع الظنون مثلاً إذا عرف أن كل إثم يجب الاجتناب عنه ثم ظن أن هذا الظن إثم فيجتنب عن جميع الظن كما في شرح المواقف في تفصيل مثله) ثم أقول (لعل الحق فيه أن يقال المراد من البعض في قوله تعالى) إن بعض الظن إثم (ما يتحقق في ضمن الكثير فالمعنى أن الكثير من الظن إثم فاجتنبوه. وتصوير دليله من الاقتراني كثير الظن إثم وكل إثم مجتنب عنه فكثير الظن مجتنب عنه. ومن الاستثنائي إذا كان كثير الظن إثماً فهو مجتنب عنه لكن المقدم حق فالتالي كذلك اه.) وتعقب (ما سبق إلى خاطره بعد برهة بأنا لو سلمنا ورود استعمال كثير في معنى كل كورود استعمال كل في معنى كثير كما قيل به في قوله تعالى) وجاءهم الموج من كل مكان (وقولهم) في كل شجر نار. واستمجد المرخ والعفار (لكن كون كثير في الآية كناية عن الكلية مما لا يكاد يسلم ضرورة أن من الظن ما يباح اتباعه كالظن في الأمور المعاشية. ومنه ما يجب كالظن حيث لا قاطع فيه من العمليات كالواجبات الثابتة بغير دليل قطعي وحسن الظن بالله عز وجل وكأنه لهذا قال بعد) ثم أقول (لعل الحق الخ. وأورد على ما رجا حقيته بأنه لا يظهر عليه وجه العدول إلى الظاهر فإن الظاهر على ذلك أن يقال اجتنبوا كثيراً من الظن إنه إثم. وأيضاً يظهر بعد العدول إلى الظاهر العدول إلى بعض والتعبير به عن الكثير مع أنه في الشائع لا يستعمل فيما زاد على النصف كالستين بالنسبة إلى المائة مثلاً فلا يقال في الشائع عندي بعض المائة ويراد به الستون) وأجيب (بأنه عدل إلى الظاهر لئلا يتوهم ولو على بعد عود الضمير على الظن ولتخرج الجملة مخرج المثل الشائع فيه الاستقلال كما قالوا في نظير ذلك وعدل إلى البعض مراداً به الكثير للإشارة إلى أن ظن السوء المنهي عنه وإن كان كثيراً في نفسه كما يشعر به على ما قيل ما أخرجه الطبراني عن حارثة ابن النعمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) ثلاث لازمات أمتي الطيرة والحسد وسوء الظن الحديث (لكنه قليل بالنسبة إلى غيره من أفراد الظن كالظنون المباحة المعاشية وغيرها والظنون الواجبة العملية وغيرها فتأمل) قيل في الجواب (عن أصل السؤال أن المراد بالظن في أن بعض الظن إثم الظن المأمور باجتنابه وهو الكثير فكأنه قيل اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض ذلك الظن الذي أمرتم اجتنابه إثم فلا يأمن من لا يجتنب الكثير أن يقع فيه ويكون المراد بهذا البعض الذي هو إثم أي ذنب يستحق العقوبة عليه ظن السوء بالمؤمن بشرطة وهو أن يكون المظنون به ممن شوهد منه التستر والصلاح وأونست منه الأمانة لا ومن يتعاطى الريب والمجاهرة بالخبائث كالدخول والخروج والتردد إلى حانات الخمر وصحبة الغواني والفاجرات وإمعان النظر إلى الأمرد الجميل فإن ذلك لا يحرم سوء الظن فيه وإن كان الظان لم يره يشرب الخمر ولا يزني ولا يعبث بالمرد ويكون المراد بالكثير ما يعم النوعين نعم الأولى الإعراض عن سوء الظن فيه أيضاً ويحمل الأمر في اجتنبوا على مطلق الطلب ليشمل الطلب الجازم المفيد للوجوب كطلب اجتناب ظن السوء بالمؤمن الذي يتعاطى الريب والمجاهرة بالخبائث ولا يراد بالكثير ما يعم الظن في الإلهيات والنبوات وحيث يختلفه في العمليات قاطع. فإن ذلك وإن كان حراماً يجب اجتنابه إلا أن الآية ولحافها كالمعين لذلك الحمل وكون الكثير من الظن فيما يتعلق بالمؤمنين بعضهم ببعض حيث كان السابق من الآي قوله تعالى) ولا تنابزوا بالألقاب (الآية. وكان اللاحق قوله تعالى) ولا