ونوقش في مواضع من كلامه) أما أولاً (فقوله وهو أي التباعد يتعدى بمن فقد منع إطلاقه لما في مجمع البحرين) ما نصه (وفي الحديث من فعل كذا تباعدت عنه النار مسيرة سنة حيث تضمن تعدي التباعد بعن) وأما ثانياً (فالاستشهاد على تعدي التباعد بمن بتعدي البعدية في الآية أعني قوله تعالى) وما هي من الظالمين ببعيد () وأما ثالثاً (فقوله بعد اعتبار تضمين الاجتناب معنى التباعد فيكون من قبيل ذكر اللازم وإرادة الملزوم فإنه كلام من لا يعرف التضمين كما لا يخفى على عارف. اللهم إلا أن يقال هذا الكلام توجيه لقول شيخ الإسلام متعلق اجتنبوا يعني أراد أنه متعلق بالتباعد باعتبار التضمين إلا أنه ذكر الاجتناب وأراد التباعد وهذا الذكر من قبيل ذكر اللازم وإرادة الملزوم وليس مراد الموجه أنه في الآية مع اعتبار التضمين كذلك. ثم أن ظاهر كلام بعض المفسرين يشعر بأن الاجتناب صار حقيقة عرفية في التباعد قال وأصل اجتنبه كان على جانب منه ثم شاع في التباعد اللازم له) نعم (إنه ليس نصاُ في ذلك وذكر الشيوع للرمز إلى أن استعماله في ذلك لا يحتاج إلى قرينة كذا قيل فتأمل.) وأما رابعاً (فدعواه أن ذكر الاجتناب وإرادة التباعد من قبيل ذكر اللازم وإرادة الملزوم فإن كلام بعض المفسرين المنقول آنفاً يدل على عكس هذه الدعوى. وقال بعض الحق أنه يصح أن يعتبر كل لازماً وأن يعتبر ملزوماً فبينهما لزوم متعاكس فافهم) وأما خامساً (فقوله الأعلى قول ضعيف لا ينبغي حمل التنزيل عليه. فإنه نوقش فيه بأن ذلك القول لم يبلغ من الضعف إلى غاية أنه لا ينبغي حمل التنزيل عليه نعم حمل التنزيل على الضعيف مطلقاً مع ظهور الحمل على القوي مما لا ينبغي فلا تغفل.) وأما سادساً (فقوله ولما كان الاجتناب عبارة عن الكف عن الفعل الخ فإنه ظاهر في أن الاجتناب حقيقة في الكف عن الفعل وفيه ما فيه.) وأما سابعاً (فتوجيه صحة زيادة من بما ذكره فإن فيه من التكلف ما فيه وكأن هذا إحدى الدواعي لقوله ويمكن أن يجاب.) وأما ثامناً (فقوله وعلى ما ذكره شيخ الإسلام ينبغي أن يكون نظم الآية الخ فقد نوقش فيه فإن ذلك التوهم لوجود ما يدفعه من أن استقامة التعليل لا تتم إلا بجعل كثيراً واقعاً موقع المفعول المطلق لاجتنبوا وجعل من الظن متعلقاً به لا يلتفت إليه ولا تلزم مراعاته فليس هو كالتوهم في الآية التي نظر بها فإنه ليس فيها ما يدفع التوهم الحاصل من تأخير من آل فرعون ولا يخلو هذا عن بحث فتأمل.) وأما تاسعاً (فقوله بعد احتمال كون من للتبعيض وجعل الآية من المجمل المبين بالسنة والمعنى اجتنبوا بعض الظن وهو السيئ اجتناباً كثيراً الخ. حيث أنه لا داعي على ذلك التقدير إلى العدول عن المبتادر من جعل كثيراً مفعولاً به لاجتنبوا وجعله واقعاً موقع المفعول المطلق له كما تضمنه بيان المعنى) وأما عاشراً (فدعواه الإجمال في قوله تعالى فامسحوا برؤوسكم حيث قال بعد التمثيل به فإنه مجمل مبين بالسنة بمسح الناصية فإنه نوقش فيها بأن ذلك غير متفق عليه ففي جمع الجوامع وشرحه وامسحوا برؤوسكم لا إجمال فيه. وخالف بعض الحنفية قال لتردده بين مسح الكل والبعض ومسح الشارع عليه الصلاة والسلام الناصية مبين لذلك. قلنا لا نسلم تردده بين ذلك وإنما هو لمطلق المسح الصادق بأقل ما ينطلق عليه الاسم وبغيره ومسح الشارع الناصية. من ذلك انتهى.