وَ) هُوَ أَيْ لُزُومُ الْبَيْتِ (حِرْزُ الْفَتَى) أَيْ حِصْنٌ حَصِينٌ.
يُقَالُ حِرْزٌ حَرِيزٌ أَيْ مَنِيعٌ (عَنْ كُلِّ) شَخْصٍ (غَاوٍ) أَيْ ضَالٍّ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى يُقَالُ غَوَى يَغْوِي غَيًّا وَغَوَى غَوَايَةً وَلَا يُكْسَرُ فَهُوَ غَاوٍ وَغَوِيٌّ وَغَيَّانٌ (وَ) عَنْ كُلِّ (مُفْسِدٍ) لِدِينِهِ وَدُنْيَاهُ وَقَلْبِهِ وَعَقِيدَتِهِ، يُقَالُ فَسَدَ كَنَصَرَ وَعَقَدَ وَكَرُمَ فَسَادًا وَفُسُودًا ضِدُّ صَلَحَ فَهُوَ فَاسِدٌ.
وَخَيْرُ جَلِيسِ الْمَرْءِ كُتُبٌ تُفِيدُهُ ... عُلُومًا وَآدَابًا كَعَقْلٍ مُؤَيَّدٍ
(وَخَيْرُ جَلِيسِ الْمَرْءِ) الْعَالِمِ (كُتُبٌ) جَمْعُ كِتَابٍ وَإِسْنَادُ الْجُلُوسِ إلَيْهَا مَجَازٌ (تُفِيدُهُ) بِمُطَالَعَتِهِ فِيهَا وَإِمْعَانِ نَظَرِهِ وَسَبْرِهِ لَهَا (عُلُومًا) جَمْعُ عِلْمٍ، وَحَدُّهُ صِفَةٌ يُمَيِّزُ الْمُتَّصِفُ بِهَا بَيْنَ الْجَوَاهِرِ وَالْأَجْسَامِ وَالْأَعْرَاضِ، وَالْوَاجِبِ وَالْمُمْكِنِ وَالْمُمْتَنِعِ تَمْيِيزًا جَازِمًا مُطَابِقًا لَا يَحْتَمِلُ النَّقِيضَ (وَ) تُفِيدُهُ الْكُتُبُ أَيْضًا (آدَابًا) جَمْعُ أَدَبٍ وَهُوَ الظَّرْفُ وَحُسْنُ التَّنَاوُلِ، يُقَالُ أَدَبٌ كَحُسْنٍ فَهُوَ أَدِيبٌ (كَعَقْلٍ مُؤَيَّدِ) أَيْ كَمَا تُفِيدُهُ الْكُتُبُ أَيْضًا بِمُطَالَعَتِهَا وَلُزُومِ التَّفْهِيمِ فِي مَعَانِيهَا عَقْلًا. وَفِي نُسْخَةٍ وَعَقْلِ مُؤَيَّدِ بِإِضَافَةِ الْعَقْلِ إلَى مُؤَيَّدِ، أَيْ عَقْلِ رَجُلٍ مُؤَيَّدٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِالتَّوْفِيقِ وَالتَّسْدِيدِ وَالتَّحْقِيقِ، وَالْإِلْهَامِ وَالتَّدْقِيقِ، وَالْإِصَابَةِ فِي الْأُمُورِ، وَمُجَانَبَةِ الْمَحْظُورِ.
وَالْعَقْلُ هُوَ الْعِلْمُ بِصِفَاتِ الْأَشْيَاءِ مِنْ حُسْنِهَا وَقُبْحِهَا وَكَمَالِهَا وَنُقْصَانِهَا، أَوْ الْعِلْمُ بِخَيْرِ الْخَيْرَيْنِ، أَوْ شَرِّ الشَّرَّيْنِ، أَوْ مُطْلَقِ الْأُمُورِ لِقُوَّةٍ بِهَا يَكُونُ التَّمْيِيزُ بَيْنَ الْقَبِيحِ وَالْحَسَنِ، وَالْحَقُّ أَنَّهُ نُورٌ رُوحَانِيٌّ بِهِ تُدْرِكُ النَّفْسُ الْعُلُومَ الضَّرُورِيَّةَ وَالنَّظَرِيَّةَ، وَابْتِدَاءُ وُجُودِهِ عِنْدَ اجْتِنَانِ الْوَلَدِ، ثُمَّ لَا يَزَالُ يَنْمُو إلَى أَنْ يَكْمُلَ عِنْدَ الْبُلُوغِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ وَقَالَ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ التَّحْرِيرِ: الْعَقْلُ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَيْزُ، وَهُوَ غَرِيزَةٌ نَصًّا لَيْسَ بِمُكْتَسَبٍ، بَلْ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُفَارِقُ بِهِ الْإِنْسَانُ الْبَهِيمَةَ، وَيَسْتَعِدُّ بِهِ لِقَبُولِ الْعِلْمِ وَتَدْبِيرِ الصَّنَائِعِ الْفِكْرِيَّةِ، فَكَأَنَّهُ نُورٌ يُقْذَفُ فِي الْقَلْبِ كَالْعِلْمِ الضَّرُورِيِّ.