الْمَاءِ وَلَا طِيبَ أَطْيَبُ مِنْ الْمَاءِ، وَلَا تُكْثِرَ مُضَاجَعَةَ زَوْجِهَا فَإِنَّ الْجَسَدَ إذَا مَلَّ مَلَّ الْقَلْبُ وَلْتُخَبَّأْ سَوْأَتُهَا مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: قُلْت وَهَذَا عَيْنُ الصَّوَابِ، فَإِنَّ الْفَرْجَ غَيْرُ مُسْتَحْسِنِ الصُّورَةِ مِنْ الزَّوْجَيْنِ، وَالِاطِّلَاعُ عَلَى بَعْضِ الْعُيُوبِ يَقْدَحُ فِي الْمَحَبَّةِ، فَيَنْبَغِي لَهُمَا جَمِيعًا الْحَذَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَلِهَذَا تَرَى الْأَكَابِرَ يَنَامُونَ مُنْفَرِدِينَ لِعِلْمِهِمْ أَنَّ النَّوْمَ يَتَجَدَّدُ فِيهِ مَا لَا يَصْلُحُ انْتَهَى.
قُلْت: لَوْ قِيلَ إنَّ حُكْمَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَمَقَاصِدِهِمْ وَاسْتِحْسَانِهِمْ لَكَانَ صَوَابًا لَا كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ فِي الْخَارِجِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وَنَظَرُ السَّيِّدِ جَمِيعَ بَدَنِ أَمَتِهِ الْمُبَاحَةِ كَنَظَرِهِ إلَى زَوْجَتِهِ بِخِلَافِ الْمُزَوَّجَةِ وَالْمُشْتَرَكَةِ وَمَا لَا تَحِلُّ مُطْلَقًا كَالْمَجُوسِيَّةِ، فَلَا يَنْظُرُ مِنْهَا إلَّا لِمَا فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ الرُّكْبَةِ وَلِلطَّبِيبِ نَظَرُ مَا تَدْعُو إلَيْهِ الْحَاجَةُ حَتَّى الْفَرْجَ وَمِثْلُهُ مَنْ يَلِي خِدْمَةَ مَرِيضٍ وَلَوْ أُنْثَى فِي وُضُوءٍ وَاسْتِنْجَاءٍ.
وَمِنْ الْمُبَاحِ نَظَرُ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ الَّذِي لَا شَهْوَةَ لَهُ مَا فَوْقَ سُرَّةِ الْمَرْأَةِ وَتَحْتَ رُكْبَتِهَا، وَإِنْ كَانَ ذَا شَهْوَةٍ فَهُوَ كَذِي مَحْرَمٍ فَيَنْظُرُ مَا يَظْهَرُ غَالِبًا مِنْ وَجْهٍ وَرَقَبَةٍ وَيَدٍ وَقَدَمٍ وَرَأْسٍ وَسَاقٍ وَمِنْهُ النَّظَرُ إلَى الْعَجُوزِ وَالْبَرْزَةِ وَالْقَبِيحَةِ الْمَنْظَرِ فَيَنْظُرُ مِنْهَا إلَى غَيْرِ عَوْرَةِ صَلَاةٍ، وَكَذَا مِنْ الْأَمَةِ، وَالْمُرَادُ بِذَوَاتِ الْمَحَارِمِ مَنْ تَحْرُمُ عَلَى التَّأْبِيدِ بِنَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ مُبَاحٍ لِحُرْمَتِهَا، إلَّا نِسَاءَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يَحِلُّ النَّظَرُ إلَى شَيْءٍ مِنْهُنَّ مَعَ أَنَّهُنَّ مُحَرَّمَاتٌ عَلَى التَّأْبِيدِ بِسَبَبٍ مُبَاحٍ وَذَلِكَ تَشْرِيفًا وَتَعْظِيمًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَمِنْهُ نَظَرُ الْعَبْدِ إلَى سَيِّدَتِهِ إذَا كَانَ كُلُّهُ رَقِيقًا لَهَا فَيَنْظُرُ مِنْهَا كَذِي مَحْرَمٍ، وَكَذَا نَظَرُ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ كَعِنِّينٍ وَكَبِيرٍ لَا خَصِيٍّ وَمَجْبُوبٍ إلَى أَجْنَبِيَّةٍ فَيَحْرُمُ كَالْفَحْلِ، نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنْ يَنْظُرَ الْعَبْدُ إلَى شَعْرِ مَوْلَاتِهِ.
وَأَمَّا النَّظَرُ إلَى الْأَمْرَدِ فَلَا يَحْرُمُ إلَّا مَعَ شَهْوَةٍ أَوْ خَوْفِ ثَوَرَانِهَا
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: مَنْ كَرَّرَ النَّظَرَ إلَى الْأَمْرَدِ وَنَحْوِهِ وَقَالَ لَا أَنْظُرُ لِشَهْوَةٍ كَذِبَ فِي دَعْوَاهُ، وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَقَالَ الشَّيْخُ أَيْضًا تَحْرُمُ خَلْوَةٌ بِأَمْرَدَ حَسَنٍ وَمُضَاجَعَتُهُ كَالْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَوْ لِمَصَالِحِ التَّأْدِيبِ وَالتَّعْلِيمِ، وَمَنْ عُرِفَ بِمَحَبَّتِهِمْ مُنِعَ مِنْ تَعْلِيمِهِمْ.