صَاحِبِ الْمِسْكِ إنْ لَمْ يُصِبْك مِنْهُ شَيْءٌ أَصَابَك مِنْ رِيحِهِ، وَمَثَلُ جَلِيسِ السُّوءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْكِيرِ إنْ لَمْ يُصِبْك مِنْ سَوَادِهِ أَصَابَك مِنْ دُخَانِهِ» .
وَرَوَى الْحَاكِمُ وَالْعَسْكَرِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ مَرْفُوعًا: «الْوِحْدَةُ خَيْرٌ مِنْ جَلِيسِ السُّوءِ، وَالْجَلِيسُ الصَّالِحُ خَيْرٌ مِنْ الْوِحْدَةِ، وَإِمْلَاءُ الْخَيْرِ خَيْرٌ مِنْ الصَّمْتِ، وَالصَّمْتُ خَيْرٌ مِنْ إمْلَاءِ الشَّرِّ» .
(وَ) يَسْلَمُ أَيْضًا (مِنْ) شَخْصٍ (وَاشٍ) يُقَالُ وَشَى فُلَانٌ كَلَامَهُ كَذَبَ فِيهِ، وَوَشَى بِهِ إلَى السُّلْطَانِ وَشْيًا وَوِشَايَةً نَمَّ وَسَعَى، وَفِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ: خَرَجْنَا نَشِي بِسَعْدٍ إلَى عُمَرَ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: يُقَالُ وَشَى بِهِ يَشِي وِشَايَةً إذَا نَمَّ عَلَيْهِ وَسَعَى بِهِ فَهُوَ وَاشٍ وَجَمْعُهُ وُشَاةٌ، قَالَ وَأَصْلُهُ اسْتِخْرَاجُ الْحَدِيثِ بِاللُّطْفِ وَالسُّؤَالِ، وَمِنْهُ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيِّ ابْنَ سَلُولَ كَانَ يَسْتَوْشِيه وَيَجْمَعُهُ» أَيْ يَسْتَخْرِجُ الْحَدِيثَ بِالْبَحْثِ عَنْهُ.
وَفِي رِسَالَةِ ابْنِ زَيْدُونٍ لِابْنِ أَجْهُورٍ: فَكَيْفَ وَلَا ذَنْبَ إلَّا نَمِيمَةٌ أَهْدَاهَا كَاشِحٌ، وَنَبَأٌ جَاءَ بِهِ فَاسِقٌ، وَهُمْ الْهَمَّازُونَ الْمَشَّاءُونَ بِنَمِيمٍ، وَالْوَاشُونَ الَّذِينَ لَا يَلْبَثُونَ أَنْ يُصَدِّعُوا الْعَصَا، وَالْغُوَاةُ الَّذِينَ لَا يَتْرُكُونَ أَدِيمًا صَحِيحًا وَالسُّعَاةُ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ فَقَالَ: مَا ظَنُّك بِقَوْمٍ الصِّدْقُ مَحْمُودٌ إلَّا مِنْهُمْ.
قَالَ الصَّلَاحُ لِلصَّفَدِيِّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ: وَالْوَاشُونَ الَّذِينَ لَا يَلْبَثُونَ أَنْ يُصَدِّعُوا الْعَصَا الْأَصْلُ فِي هَذَا قَوْلُ كُثَيِّرِ عَزَّةَ:
لَعَمَّ أَبُو الْوَاشِينَ لَا عَمَّ غَيْرُهُمْ ... لَقَدْ كَلِفُوا فِي خُطَّةٍ لَا أُرِيدُهَا
وَلَا يَلْبَثُ الْوَاشُونَ أَنْ يُصَدِّعُوا الْعَصَا ... إذَا هِيَ لَمْ يُصْلَبْ عَلَى الْمَرْءِ عُودُهَا
مَطْلَبٌ: حِكَايَةٌ لَطِيفَةٌ.
ذَكَرَهَا الصَّلَاحُ الصَّفَدِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ الْمَذْكُورَةِ قَالَ: كَانَ الْخَلِيلَنْجِيُّ الْقَاضِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ ابْنِ أُخْتِ عَلَوِيَّةَ الْمُغَنِّي وَكَانَ ثِقَةً ثَبْتًا صَدُوقًا تَقَلَّدَ الْقَضَاءَ لِلْأَمِينِ، وَكَانَ عَلَوِيَّةُ عَدُوًّا لَهُ، فَجَرَتْ لَهُ قَضِيَّةٌ فِي بَغْدَادَ فَاسْتَعْفَى مِنْ الْقَضَاءِ وَسَأَلَ أَنْ يُوَلَّى بَعْضَ الْكُوَرِ الْبَعِيدَةِ. فَتَوَلَّى قَضَاءَ دِمَشْقَ أَوْ حِمْصَ، فَلَمَّا تَوَلَّى الْمَأْمُونُ الْخِلَافَةَ غَنَّاهُ يَوْمًا عَلَوِيَّةُ بِشِعْرِ الْخَلِيلَنْجِيِّ وَهُوَ: