لَمْ يَفْعَلْ أَصْبَحَ كَسْلَانَ خَبِيثَ النَّفْسِ لَمْ يُصِبْ خَيْرًا» وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ بِنَحْوِهِ وَزَادَ فِي آخِرِهِ «فَحُلُّوا عُقْدَةَ الشَّيْطَانِ، وَلَوْ بِرَكْعَتَيْنِ» .
قَالَ فِي شَرْحِ أَوْرَادِ أَبِي دَاوُد: قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَهَذِهِ عُقَدٌ حَقِيقَةً كَعُقَدِ السِّحْرِ، وَقِيلَ: هُوَ قَوْلٌ يَقُولُهُ، وَقِيلَ فِعْلٌ يَفْعَلُهُ، قِيلَ هُوَ مِنْ عَقْدِ الْقَلْبِ، فَكَأَنَّهُ يَتَوَسْوَسُ فِيهِ بِبَقَاءِ اللَّيْلِ، وَقِيلَ هُوَ مَجَازٌ كُنِّيَ بِهِ عَنْ تَثْبِيطِ الشَّيْطَانِ وَتَثْقِيلِهِ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ.
وَقَوْلُهُ: عَلَيْك لَيْلٌ طَوِيلٌ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ، وَالْخَبَرُ عَلَيْك، أَوْ فَاعِلٌ بِإِضْمَارِ فِعْلٍ أَيْ بَقِيَ عَلَيْك.
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ بِالنَّصْبِ لَيْلًا طَوِيلًا عَلَى الْإِغْرَاءِ. قَالَ: وَالْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِ اللَّهِ - تَعَالَى - وَدُعَائِهِ عِنْدَ الِاسْتِيقَاظِ لِيَكُونَ أَوَّلَ عَمَلِ الْإِنْسَانِ تَوْحِيدُ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ، وَالْكَلِمُ الطَّيِّبُ. انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَ) قُلْ فِي (الصَّبَاحِ) مِنْ الذِّكْرِ الْمَرْوِيِّ عَنْ سَيِّدِ النُّصَّاحِ، وَمَنْ عَمَّتْ شَمْسُ رِسَالَتِهِ الْأَغْوَارَ وَالْبِطَاحَ، مَا أَخْرَجَهُ أَهْلُ الْمَسَانِيدِ وَالسُّنَنِ وَالصِّحَاحِ (وَ) قُلْ (فِي الْمَسَاءِ) مِنْ الذِّكْرِ مَا عَسَى أَنْ يَلِينَ بِهِ الْقَلْبُ الَّذِي قَدْ قَسَا، بِالذُّنُوبِ وَالْأَسَا.
اعْلَمْ أَيُّهَا النَّاصِحُ لِنَفْسِهِ، الْمُتَزَوِّدُ لِرَمْسِهِ، الْمُنْكَبُّ عَلَى الذِّكْرِ وَالْمُسْتَغْرِقُ بِأُنْسِهِ، الْمُتَهَيِّئُ لِمُجَاوَرَةِ رَبِّهِ فِي حَضِيرَةِ قُدْسِهِ، أَنَّ أَذْكَارَ طَرَفَيْ النَّهَارِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَالْحِكْمَةُ فِيهِ افْتِتَاحُ النَّهَارِ، وَاخْتِتَامُهُ بِالْأَذْكَارِ الَّتِي عَلَيْهَا الْمَدَارُ، وَهِيَ مُخُّ الْعِبَادَةِ، وَبِهَا تَحْصُلُ الْعَافِيَةُ وَالسَّعَادَةُ.
وَنَعْنِي بِطَرَفَيْ النَّهَارِ مَا بَيْنَ الصُّبْحِ وَطُلُوعِ الشَّمْسِ، وَمَا بَيْنَ الْعَصْرِ وَالْغُرُوبِ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} [الأحزاب: 41] {وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلا} [الأحزاب: 42] وَالْأَصِيلُ هُوَ الْوَقْتُ بَعْدَ الْعَصْرِ إلَى الْمَغْرِبِ، وَجَمْعُهُ أُصُلٌ وَآصَالٌ وَأَصَائِلُ، كَأَنَّهُ جَمْعُ أَصِيلَةٍ. قَالَ الشَّاعِرُ:
لَعَمْرِي لَأَنْتَ الْبَيْتُ أَكْرَمُ أَهْلِهِ ... وَأَقْعَدُ فِي أَفْنَائِهِ بِالْأَصَائِلِ
وَيُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى أُصْلَانٍ " مِثْلُ بَعِيرٍ وَبُعْرَانٍ، ثُمَّ صَغَّرُوا الْجَمْعَ فَقَالُوا أُصَيْلَانَ، ثُمَّ أَبْدَلُوا عَنْ النُّونِ لَامًا فَقَالُوا: أُصَيْلَالٍ ".
قَالَ الشَّاعِرُ
وَقَفْت فِيهَا أُصَيْلَالًا أُسَائِلُهَا ... أَعْيَتْ جَوَابًا وَمَا بِالرَّبْعِ مِنْ أَحَدِ