لَا كَرَاهَةَ فِي حَقِّهِ بِلُبْسِهِ فَرْدَةَ نَعْلٍ وَاحِدَةٍ (أَصِخْ) مِنْ صَاخَ وَأَصَاخَ إذَا اسْتَمَعَ أَيْ اسْتَمِعْ نِظَامِي وَافْتَهِمْ كَلَامِي وَعِ لَمَا أُبْدِيهِ لَك مِنْ الْأَحْكَامِ، فَإِنَّ مَنْ اسْتَمَعَ وَتَفَهَّمَ، وَوَعَى وَتَعَلَّمَ، وَارْتَقَى بِسُلَّمِ التَّعْلِيمِ عَلَّ الْأَنَامَ، إلَى أَنْ تَشْهَدَ لَهُ الْخَلِيقَةُ بِأَنَّهُ إمَامٌ (حَتَّى) تَنْتَهِيَ كَرَاهَةُ لُبْسِ فَرْدَةِ نَعْلٍ وَاحِدَةٍ (لِ) أَجْلِ (إصْلَاحِ مُفْسِدٍ) أَيْ مِنْ نَعْلَيْهِ يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ كَانَتْ إحْدَى نَعْلَيْهِ فَاسِدَةً غَيْرَ صَالِحَةٍ لِلُّبْسِ وَالْأُخْرَى صَالِحَةً لَمْ تَزَلْ الْكَرَاهَةُ بِذَلِكَ، بَلْ يُكْرَهُ لُبْسُهُ الصَّحِيحَةَ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ حَتَّى يُصْلِحَ الْفَاسِدَةَ وَيَلْبَسَهُمَا مَعًا.
وَذَلِكَ لِمَا رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «لَا يَمْشِي أَحَدُكُمْ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ لِيَنْعَلْهُمَا جَمِيعًا أَوْ لِيَخْلَعْهُمَا جَمِيعًا» وَفِي رِوَايَةٍ «أَوْ لِيَحْفُهُمَا جَمِيعًا» .
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «إذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَمْشِ فِي الْأُخْرَى حَتَّى يُصْلِحَهَا» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَفِيهِ «وَلَا خُفٌّ وَاحِدٌ» .
وَالشِّسْعُ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ: قُبَالُ النَّعْلِ كَمَا فِي الْقَامُوسِ.
قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: إنَّمَا نَهَى عَنْ الْمَشْيِ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ لِئَلَّا تَكُونَ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ أَرْفَعَ مِنْ الْأُخْرَى، وَيَكُونَ سَبَبًا لِلْعِثَارِ، وَيَقْبُحَ فِي الْمَنْظَرِ، وَيُعَابَ فَاعِلُهُ.
وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ وَسَيِّدِي الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ فِي الْغُنْيَةِ: لَهُ لُبْسُ الصَّالِحَةِ وَحْدَهَا حَتَّى يُصْلِحَ الْفَاسِدَةَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَشَى بِنَعْلٍ وَاحِدَةٍ، وَأَنَّ سَيِّدَتَنَا عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَشَتْ فِي خُفٍّ وَاحِدٍ رَوَاهُمَا سَعِيدٌ.
قَالَ النَّاظِمُ: وَدَلِيلُ الرُّخْصَةِ مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا انْقَطَعَ شِسْعُ نَعْلِهِ مَشَى فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ، وَالْأُخْرَى فِي يَدِهِ حَتَّى يَجِدَ شِسْعًا» .
قَالَ: وَأَحْسِبُ هَذَا لَا يَصِحُّ.
وَنَقَلَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقَالَ: لَعَلَّهُ مِنْ كَلَامِ الْقَاضِي يَعْنِي الِاسْتِدْلَالَ بِهَذَا الْخَبَرِ.
قُلْت: رَوَى الْحَدِيثَ الْمَذْكُورَ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَلَفْظُهُ: قَالَتْ: «رُبَّمَا انْقَطَعَ شِسْعُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَشَى فِي النَّعْلِ الْوَاحِدَةِ حَتَّى