أَوَّلَ مَا يَبْتَدِئُ فِي لُبْسِ النَّعْلِ أَنْ يُنْعِلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى، وَجَمْعُ النَّعْلِ نِعَالٌ وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: هِيَ الَّتِي تُسَمَّى الْآنُ تَاسُومَةً. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: هِيَ لِبَاسُ الْأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّمَا اتَّخَذَ النَّاسُ غَيْرَهَا؛ لِمَا فِي أَرْضِهِمْ مِنْ الطِّينِ. وَقَدْ يُطْلَقُ النَّعْلُ عَلَى كُلِّ مَا يَقِي الْقَدَمَ. قَالَ صَاحِبُ الْمُحْكَمِ: النَّعْلُ وَالنَّعْلَةُ مَا وُقِيَتْ بِهِ الْقَدَمُ، وَهُوَ الْمُرَادُ لِلنَّاظِمِ وَغَيْرِهِ.
(وَ) يُسَنُّ (فِي الْخَلْعِ) أَيْ خَلْعِ نَعْلَيْهِ (عَكْسٌ) أَيْ عَكْسُ مَا صَنَعَ فِي حَالَةِ الِانْتِعَالِ، فَيُسَنُّ لَهُ فِي حَالَةِ الْخَلْعِ أَنْ يَبْتَدِئَ بِخَلْعِ نَعْلِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى لِتَكُونَ الْيُمْنَى أَوَّلَ رِجْلَيْهِ انْتِعَالًا، وَآخِرَهُمَا خَلْعًا لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ لِتَكُونَ الْيُمْنَى أَوَّلُهُمَا تُنْعَلُ وَآخِرُهُمَا تُنْزَعُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَغَيْرُهُمَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -.
(وَاكْرَهْ) أَنْتَ تَنْزِيهًا (الْعَكْسَ) بِأَنْ تُنْعِلَ أَوَّلًا الْيُسْرَى وَتَخْلَعَ أَوَّلًا الْيُمْنَى فَيُكْرَهُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا إذَا نَعَلْت أَوَّلًا الْيُمْنَى وَنَزَعْتهَا أَوَّلًا أَوْ بِالْعَكْسِ فَتَكُونُ قَدْ فَعَلْت مَسْنُونًا وَمَكْرُوهًا، وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ، بَلْ عَلَيْك بِنَعْلِ الْيُمْنَى أَوَّلًا وَخَلْعِ الْيُسْرَى أَوَّلًا لِيَحْصُلَ التَّيَامُنُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِيَدِك الْيُسْرَى.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: مَنْ بَدَأَ فِي الِانْتِعَالِ بِالْيُسْرَى أَسَاءَ لِمُخَالَفَةِ السُّنَّةِ، وَلَكِنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لُبْسُ نَعْلَيْهِ.
وَنَقَلَ عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلِاسْتِحْبَابِ فَإِنْ تَمَسَّكْت بِذَلِكَ وَدُمْت عَلَيْهِ إلَّا مِنْ حَاجَةٍ (تُرْشَدْ) لِفِعْلِ الصَّوَابِ، وَمُتَابَعَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْأَصْحَابِ.
وَقَدْ مَرَّ غَيْرُ مَرَّةٍ أَنَّ التَّيَامُنَ مُسْتَحَبٌّ فِي شَأْنِ الْإِنْسَانِ كُلِّهِ.
وَيُكْرَهُ مَشْيُ الْمَرْءِ فِي فَرْدِ نَعْلِهِ اخْ ... تِيَارًا أَصِخْ حَتَّى لِإِصْلَاحِ مُفْسِدِ
(وَيُكْرَهُ) تَنْزِيهًا (مَشْيُ الْمَرْءِ) مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى (فِي فَرْدِ نَعْلِهِ) أَيْ فِي نَعْلٍ فَرْدٍ وَالْمُرَادُ بِلَا حَاجَةٍ.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُكْرَهُ الْمَشْيُ فِي نَعْلٍ وَاحِدَةٍ بِلَا حَاجَةٍ، وَنَصُّهُ يَعْنِي الْإِمَامَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَلَوْ يَسِيرًا.
وَلِذَا قَالَ النَّاظِمُ (اخْتِيَارًا) يَعْنِي فِي حَالِ اخْتِيَارِ الْمَاشِي مَعَ صِحَّةِ رِجْلَيْهِ بِخِلَافِ مَنْ لَهُ رِجْلٌ وَاحِدَةٌ.
أَوْ كَانَ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ مَا يَمْنَعُ لُبْسَ النَّعْلِ مِنْ قُرْحَةٍ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهُ