تَيْمِيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَذْكُرُ فِي سَبَبِ الذُّؤَابَةِ شَيْئًا بَدِيعًا، وَهُوَ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا اتَّخَذَهَا صَبِيحَةَ الْمَنَامِ الَّذِي رَآهُ بِالْمَدِينَةِ لَمَّا رَأَى رَبَّ الْعِزَّةِ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ فِيمَ اخْتَصَمَ الْمَلَأُ الْأَعْلَى؟ قُلْت: لَا أَدْرِي فَوَضَعَ يَدَهُ بَيْنَ كَتِفَيَّ فَعَلِمْت مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» ، الْحَدِيثَ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: إنَّهُ سَأَلَ الْبُخَارِيَّ عَنْهُ فَصَحَّحَهُ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: فَمِنْ تِلْكَ الْغَدَاةِ أَرْخَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذُّؤَابَةَ بَيْنَ كَتِفَيْهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ: وَهَذَا مِنْ الْعِلْمِ الَّذِي تُنْكِرُهُ أَلْسِنَةُ الْجُهَّالِ وَقُلُوبُهُمْ، قَالَ: وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الْفَائِدَةَ فِي شَأْنِ الذُّؤَابَةِ لِغَيْرِهِ.
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو زُرْعَةَ بْنُ الْحَافِظِ أَبِي الْفُضَيْلِ الْعِرَاقِيِّ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى، وَفِي تَذْكِرَتِهِ بَعْدَ أَنْ سَاقَ مَا تَقَدَّمَ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ: إنْ ثَبَتَ ذَلِكَ فَهُوَ رِحْلَةٌ وَلَيْسَ يَلْزَمُ مِنْهُ التَّجَسُّمُ لِأَنَّ الْكَفَّ يُقَالُ فِيهِ مَا قَالَهُ أَهْلُ الْحَقِّ فِي الْيَدِ فَهُمْ مِنْ بَيْنِ مُتَأَوِّلٍ وَسَاكِتٍ عَنْ التَّأْوِيلِ مَعَ نَفْيِ الظَّاهِرِ.
قَالَ: وَكَيْفَ مَا كَانَ فَهُوَ نِعْمَةٌ عَظِيمَةٌ وَمِنَّةٌ جَسِيمَةٌ حَلَّتْ بَيْنَ كَتِفَيْهِ فَقَابَلَهَا بِإِكْرَامِ ذَلِكَ الْمَحَلِّ الَّذِي حَصَلَتْ فِيهِ تِلْكَ النِّعْمَةُ.
قُلْت: وَرَأَيْت بَعْضَ مَنْ أَعْمَى اللَّهُ بَصِيرَتَهُ، وَأَفْسَدَ سَرِيرَتَهُ، وَتَشَدَّقَ وَصَالَ، وَلَقْلَقَ فِي مَقَالَتِهِ وَقَالَ هَذَا عَلَى اعْتِقَادِهِ، وَأَخَذَ فِي الْحَطِّ عَلَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَتِلْمِيذِهِ، وَزَعَمَ أَنَّهُ نَصَرَ الْحَقَّ فِي انْتِقَادِهِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ هَوَى فِي مَهَاوِي هَوَاهُ، وَلَهُ وَلَهُمَا مَوْقِفٌ بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ، وَحِينَئِذٍ تَنْكَشِفُ السُّتُورُ، وَيَظْهَرُ الْمَسْتُورُ.
وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَخُوضُ فِي حَقِّ مَنْ سَلَفَ، وَإِنْ كَانَتْ مَقَالَتُهُ أَقْرَبَ إلَى الضَّلَالِ وَالتَّلَفِ، لِأَنَّ النَّاقِدَ بَصِيرٌ.
وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ. .
الرَّابِعُ: قَالَ الْكَمَالُ بْنُ أَبِي شَرِيفٍ فِي كِتَابِهِ صَوْبِ الْغِمَامَةِ فِي إرْسَالِ طَرَفِ الْعِمَامَةِ: إسْبَالُ طَرَفِ الْعِمَامَةِ مُسْتَحَبٌّ مُرَجَّحٌ فِعْلُهُ عَلَى تَرْكِهِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ خِلَافًا لِمَا أَوْهَمَهُ كَلَامُ النَّوَوِيِّ مِنْ إبَاحَتِهِ بِمَعْنَى اسْتِوَاءِ الْأَمْرَيْنِ.
قَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: يَجُوزُ لُبْسُ الْعِمَامَةِ بِإِرْسَالِ طَرَفِهَا وَبِغَيْرِ إرْسَالِهِ وَلَا كَرَاهَةَ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
وَذَكَرَ مَعْنَاهُ فِي الرَّوْضَةِ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: وَلَمْ يَصِحَّ فِي النَّهْيِ عَنْ تَرْكِ الْإِرْسَالِ شَيْءٌ.
وَذَكَرَ أَنَّهُ صَحَّ