وَأَيْضًا أَيُّ فَائِدَةٍ فِي التَّنْصِيصِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ مُلَاحَظَةِ هَذَا الْقَيْدِ، فَإِنَّهَا لَمْ تُفِدْنَا شَيْئًا، إذْ هِيَ نَسْجُ حَرِيرٍ وَغَيْرِهِ، فَيَكُونُ ذِكْرُهَا بَعْدَمَا ذَكَرُوهُ أَوَّلًا تَكْرَارًا بِلَا فَائِدَةٍ، إذْ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَهُمَا لَا مَعْنًى وَلَا حُكْمًا مَعَ اعْتِنَائِهِمْ بِالِاخْتِصَارِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ حَذَفُوا مَسْأَلَةَ الْمُلْحَمِ لِمَا شَمِلَتْهُ الْعِبَارَةُ الْأُولَى، وَهَذَا ظَاهِرٌ لِمَنْ تَأَمَّلَ بِالْإِنْصَافِ.
وَأَمَّا اسْتِدْلَالُ النَّجْدِيِّ بِكَلَامِ الْحَجَّاوِيِّ، فَإِنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ عِنْدَ قَوْلِ النَّاظِمِ مِنْ مُصْمَتٍ زِدْ. قَالَ: يَعْنِي إنَّمَا يَحْرُمُ لُبْسُ الْحَرِيرِ الْمُصْمَتِ أَيْ الصِّرْفِ الَّذِي لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ، فَإِنْ نُسِجَ مَعَ غَيْرِهِ فَالْحُكْمُ لِلْأَكْثَرِ ظُهُورًا، فَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ ظُهُورًا الْحَرِيرَ حَرُمَ، وَإِنْ اسْتَوَيَا ظُهُورًا، أَوْ وَزْنًا فَفِيهِ وَجْهَانِ، الْمَذْهَبُ الْإِبَاحَةُ انْتَهَى.
وَنَحْنُ لَا نَشُكُّ أَنَّ مُرَادَ الْحَجَّاوِيِّ فِي شَرْحِ الْآدَابِ هُوَ مَا صَرَّحَ بِهِ فِي إقْنَاعِهِ، وَحِينَئِذٍ يُرْجَعُ إلَى مَا قَرَّرْنَا مِنْ أَنَّهُ نَسْجُ الْحَرِيرِ مَعَ غَيْرِهِ فِي غَيْرِ مَا إذَا سُدِّيَ بِالْحَرِيرِ وَأُلْحِمَ بِغَيْرِهِ كَمَا فِي إقْنَاعِهِ، ثُمَّ هُوَ مَأْخَذُ كَلَامِهِ مِنْ الْآدَابِ الْكُبْرَى وَعِبَارَتُهُ: قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا: وَيُبَاحُ الْخَزُّ نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ حَرِيرٌ وَوَبَرٌ طَاهِرٌ مِنْ أَرْنَبٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا بَأْسَ بِلُبْسِ الْخَزِّ نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَعَلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ كَغَيْرِهِ مِنْ الثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ مِنْ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ. وَفَرَّقَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ هَذَا لَبِسَهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَاكَ مُحْدَثٌ. ذَكَرَهُ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ.
وَفِي رِوَايَةِ بَكْرٍ أَوْمَأَ إلَى فَرْقٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْخَزَّ لَا سَرَفَ فِيهِ وَلَا خُيَلَاءَ، وَهَذَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ مَا نُسِجَ أَيْ مِنْ الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ وَبَيْنَ الْخَزِّ الَّذِي سُدِّيَ بِالْحَرِيرِ وَأُلْحِمَ بِغَيْرِهِ. وَعَلَى كَلَامِ النَّجْدِيِّ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ خِلَافُ نَصِّ الْإِمَامِ. قُلْت: وَأَصْرَحُ مِنْ هَذَا مَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ خَاتِمَةُ الْمُرَجِّحِينَ الْقَاضِي عَلَاءُ الدِّينِ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ قَالَ: قَوْلُهُ: وَكَذَا الْخَزُّ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ وَأَبَاحَهُ أَحْمَدُ انْتَهَى، يَعْنِي أَنَّ الْخَزَّ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ وَغَيْرِهِ كَالْحَرِيرِ فِي الْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ. فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ عَقِيلٍ يَكُونُ فِيهِ الْخِلَافُ الْمُطْلَقُ إذَا اسْتَوَيَا، وَقَدْ عَلِمْت الصَّحِيحَ مِنْهُ. قَالَ: وَالصَّحِيحُ إبَاحَتُهُ نَصَّ عَلَيْهِ وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي