لَا يُسْتَحَبُّ.، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْمُتَجَشِّئَ لَا يُجَابُ بِشَيْءٍ، فَإِنْ حَمِدَ اللَّهَ دُعِيَ لَهُ. وَقَوْلُ الْإِمَامِ ابْنِ عَقِيلٍ لَا يُعْرَفُ فِيهِ سُنَّةٌ، وَهُوَ عَادَةٌ مَوْضُوعَةٌ يُوَافِقُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ.
وَلَكِنَّ ذِكْرَهُمْ أَنَّ الْحَامِدَ يُدْعَى لَهُ، مَعَ قَوْلِ ابْنِ عَقِيلٍ مَا قَالَ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يُدْعَى لِلْآكِلِ وَالشَّارِبِ بِمَا يُنَاسِبُ الْحَالَ. فَظَهَرَ أَنَّهُ هَلْ يُدْعَى لِلْآكِلِ وَالشَّارِبِ أَمْ لَا؟ أَمْ إنْ حَمِدَ اللَّهَ، أَمْ لِلشَّارِبِ؟ أَقْوَالٌ مُتَوَجِّهَةٌ.
وَطَرِيقُ السَّلَفِ هِيَ الصَّوَابُ، وَالْقَوْلُ بِالِاسْتِحْبَابِ مُطْلَقًا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ مِنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي قَوْلِهِ لِغَيْرِهِ يَوْمَ الْعِيدِ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْك. فَعَنْهُ لَا بَأْسَ، وَهِيَ أَشْهَرُ كَالْجَوَابِ وَعَنْهُ مَا أَحْسَنَهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ الشُّهْرَةَ، وَنَظِيرُ ذَلِكَ لِمَنْ خَرَجَ مِنْ حَمَّامٍ بِمَا يُنَاسِبُ الْحَالَ.
وَرَدُّ الْجَوَابِ مَبْنِيٌّ فِي كُلِّ ذَلِكَ عَلَى حُكْمِ الِابْتِدَاءِ، وَأَنَّهُ أَسْهَلُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي رَدِّ الْجَوَابِ الدَّاعِي يَوْمَ الْعِيدِ، وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ يُتَوَجَّهُ فِي التَّهْنِئَةِ بِالْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ. وَفِي كِتَابِ الْهَدْيِ لِلْإِمَامِ الْمُحَقِّقِ ابْنِ الْقَيِّمِ - طَيَّبَ اللَّهُ ثَرَاهُ -: يَجُوزُ.
فَأَمَّا التَّهْنِئَةُ بِنِعْمَةٍ دِينِيَّةٍ تَجَدَّدَتْ فَتُسْتَحَبُّ، لِقِصَّةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: 1] الْآيَاتِ، قَالَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ هَنِيئًا مَرِيئًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْعَاشِرُ: فِي الدُّعَاءِ لِرَبِّ الطَّعَامِ. وَتَقَدَّمَ بَعْضُهُ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَاءَ إلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ فَأَكَلَ، ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَفْطَرَ عِنْدَكُمْ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمْ الْأَبْرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمْ الْمَلَائِكَةُ» وَكَلَامُهُ فِي التَّرْغِيبِ أَنَّهُ جَعَلَ هَذَا دُعَاءً.
وَاسْتُحِبَّ الدُّعَاءُ لِكُلِّ مَنْ أَكَلَ طَعَامَهُ. وَمُقْتَضَى كَلَامِ سَيِّدِي عَبْدِ الْقَادِرِ قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ إنَّمَا يَقُولُ هَذَا إذَا أَفْطَرَ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَهُوَ أَظْهَرُ، وَكَلَامُ غَيْرِهِ يُوَافِقُ مَا فِي التَّرْغِيبِ. وَقَالَ الْآمِدِيُّ وَجَمَاعَةٌ: يُسْتَحَبُّ إذَا أَكَلَ عِنْدَ الرَّجُلِ طَعَامًا أَنْ يَدْعُوَ لَهُ.