قَالَ الْيُونِينِيُّ: قَدْ دَلَّ الْخَبَرُ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يُتَحَرَّى وَيُقْصَدُ غَالِبًا، بَلْ إنْ ظَهَرَ شَيْءٌ أَوْ ظَنَّهُ أَزَالَهُ وَإِلَّا بَنَى الْأَمْرَ عَلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ السَّلَامَةُ.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا أَعْلَمُ بِتَفْتِيشِ التَّمْرِ إذَا كَانَ فِيهِ الدُّودُ بَأْسًا، وَيُبَاحُ أَكْلُ فَاكِهَةٍ مُسَوِّسَةٍ وَمُدَوِّدَةٍ بِدُودِهَا، وَبَاقِلَّا بِذُبَابِهِ، وَخِيَارٍ وَقِثَّاءٍ وَحُبُوبٍ وَخَلٍّ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِهِ فِي التَّلْخِيصِ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُبَاحُ أَكْلُهُ مُفْرَدًا. قَالَهُ فِي الْآدَابِ، وَقَالَ: وَذَكَرَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ فِيهِ وَجْهَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ: الْإِبَاحَةَ وَعَدَمَهَا.
وَذَكَرَ أَبُو الْخَطَّابِ فِي بَحْثِ مَسْأَلَةِ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ أَنَّ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ. انْتَهَى قُلْت: الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْمَذْهَبُ إبَاحَةُ أَكْلِ الْفَاكِهَةِ وَنَحْوِهَا بِدُودِهَا تَبَعًا. وَيَحْرُمُ أَكْلُ دُودِهَا مُنْفَرِدًا عَنْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: هَلْ يُكْرَهُ أَكْلُ اللَّحْمِ نِيئًا أَمْ لَا
؟ .
(النَّوْعُ الثَّامِنُ) : هَلْ يُكْرَهُ أَكْلُ اللَّحْمِ نِيئًا، أَوْ لَا؟ جَزَمَ فِي الْإِقْنَاعِ بِالْكَرَاهِيَةِ وَعِبَارَتُهُ: وَتُكْرَهُ مُدَاوَمَةُ أَكْلِ لَحْمٍ وَأَكْلُ لَحْمٍ مُنْتِنٍ وَنِيءٍ انْتَهَى.
وَصَرَّحَ فِي الْمُنْتَهَى بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ فِي النِّيءِ، وَالْمُنْتِنِ. قَالَ شَارِحُهُ نَصًّا وَلَمْ يَذْكُرْ خِلَافَ الْإِقْنَاعِ، وَكَذَا الْغَايَةُ صَرَّحَ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ وَلَمْ يُشِرْ لِلْخِلَافِ، وَكَانَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِاشْتِرَاطِهِ ذَلِكَ فِي خُطْبَتِهِ، وَفِي الْفُرُوعِ: وَلَا بَأْسَ بِلَحْمٍ نِيءٍ نَقَلَهُ مُهَنَّا، وَلَحْمٍ مُنْتِنٍ. نَقَلَهُ أَبُو الْحَارِثِ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِيهِمَا: يُكْرَهُ وَجَعَلَهُ فِي الِانْتِصَارِ فِي الثَّانِيَةِ اتِّفَاقًا.
وَذَكَرَ فِي الْإِنْصَافِ عِبَارَةَ الْفُرُوعِ بِحُرُوفِهَا وَزَادَ: قُلْت: الْكَرَاهَةُ فِي اللَّحْمِ الْمُنْتِنِ أَشَدُّ.
التَّاسِعُ: فِيمَا يُقَالُ لِلْآكِلِ وَالشَّارِبِ: قَالَ الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي آدَابِهِ: أَمَّا الدُّعَاءُ لِلْآكِلِ أَوْ الشَّارِبِ فَلَمْ أَجِدْ الْأَصْحَابَ ذَكَرُوهُ وَلَا ذِكْرَ لَهُ فِي الْأَخْبَارِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ