يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ» قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: الْوَضَحُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ جَمِيعًا بَعْدَهُمَا حَاءٌ مُهْمَلَةٌ الْمُرَادُ بِهِ هُنَا الْبَرَصُ.
(تَنْبِيهَاتٌ) :
(الْأَوَّلُ) : قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ، وَالْعَلَّامَةُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي الْآدَابِ وَغَيْرُهُمَا: الْمُرَادُ بِالْوُضُوءِ غَسْلُ الْيَدَيْنِ لَا الْوُضُوءُ.
قَالَ الْإِمَامُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا اسْتَحَبَّ الْوُضُوءَ لِلْأَكْلِ إلَّا إذَا كَانَ جُنُبًا. قُلْت: الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ الْأَصْحَابِ اسْتِحْبَابُهُ، وَقَالَ فِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ: الْوُضُوءُ فِي كَلَامِ رَسُولِنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَرِدْ قَطُّ إلَّا وُضُوءُ الصَّلَاةِ، وَإِنَّمَا وَرَدَ بِذَلِكَ الْمَعْنَى يَعْنِي مُرَادًا بِهِ غَسْلَ الْيَدَيْنِ، وَالْفَمِ فِي لُغَةِ الْيَهُودِ.
كَمَا رُوِيَ «أَنَّ سُلَيْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ فِي التَّوْرَاةِ مِنْ بَرَكَةِ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ فَقَالَ مِنْ بَرَكَةِ الطَّعَامِ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ، وَالْوُضُوءُ بَعْدَهُ» فَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ تُنُوزِعَ فِي صِحَّتِهِ، وَإِذَا كَانَ صَحِيحًا فَقَدْ أَجَابَ سُلَيْمَانُ بِاللُّغَةِ الَّتِي خَاطَبَهُ بِهَا أَعْنِي لُغَةَ التَّوْرَاةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) : غَسْلُ الْيَدَيْنِ بَعْدَ الطَّعَامِ مَسْنُونٌ رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَالْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ وَقَبْلَهُ. قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: يُسْتَحَبُّ غَسْلُ الْيَدَيْنِ قَبْلَ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ، وَلَوْ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ. وَعِبَارَةُ الْغَايَةِ: يُسْتَحَبُّ، وَلَوْ لِمُتَوَضِّئٍ غَسْلُ يَدَيْهِ قَبْلَ أَكْلٍ مُتَقَدِّمًا بِهِ أَيْ بِالْغَسْلِ رَبُّهُ أَيْ رَبُّ الطَّعَامِ وَبَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْأَكْلِ مُتَأَخِّرًا بِهِ أَيْ الْغَسْلِ رَبُّهُ أَيْ رَبُّ الطَّعَامِ وَغَسْلُ فَمِهِ بَعْدَهُ وَأَنْ يَتَوَضَّأَ الْجُنُبُ قَبْلَهُ.
وَمُنَاسَبَةُ ابْتِدَاءِ رَبِّ الطَّعَامِ بِالْغَسْلِ قَبْلَ الْأَكْلِ وَتَأَخُّرِهِ بَعْدَهُ ظَاهِرَةٌ، فَإِنَّهُ يُذَكِّرُهُمْ الْغَسْلَ فِي الِابْتِدَاءِ مِنْ غَيْرِ قَوْلِهِ: اغْسِلُوا أَيْدِيَكُمْ فَهَذَا مِنْ تَمَامِ الْمُرُوءَةِ وَأَمَّا تَأَخُّرُهُ بَعْدَ الْأَكْلِ لِكَوْنِهِ رَبَّ الطَّعَامِ وَأَضْيَافُهُ أَحَقُّ بِالْإِكْرَامِ وَمِنْ إكْرَامِهِمْ تَقْدِيمُهُمْ فِي غَسْلِ الْيَدَيْنِ عَلَيْهِ. وَفِي الرِّعَايَةِ يُسَنُّ غَسْلُ يَدَيْهِ وَفَمِهِ مِنْ ثُومٍ وَبَصَلٍ وَرَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) : لَا يُكْرَهُ غَسْلُ الْيَدَيْنِ فِي الْإِنَاءِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ: قَالَ أَصْحَابُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَغَيْرُهُمْ مِنْهُمْ أَبُو حَسَنٍ الْآمِدِيُّ