أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ أَكَلَ طَعَامًا، ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا الطَّعَامَ وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» .
وَأَخْرَجَ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيِّ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا وَيَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا» الْأَكْلَةُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ الْأَكْلِ وَقِيلَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وَهِيَ اللُّقْمَةُ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الطَّوِيلِ الَّذِي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَفِيهِ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «خُبْزٌ وَلَحْمٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ وَبُسْرٌ وَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّ هَذَا هُوَ النَّعِيمُ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: بَلْ إذَا أَصَبْتُمْ مِثْلَ هَذَا فَضَرَبْتُمْ بِأَيْدِيكُمْ فَقُولُوا بِسْمِ اللَّهِ، فَإِذَا شَبِعْتُمْ فَقُولُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هُوَ أَشْبَعَنَا وَأَنْعَمَ عَلَيْنَا فَأَفْضَلُ، فَإِنَّ هَذَا كَفَافٌ بِهَذَا» .
«وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَكَلَ، أَوْ شَرِبَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُودَعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ» وَفِي رِوَايَةٍ: «كَانَ إذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ، وَقَالَ مَرَّةً إذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانَا وَآوَانَا غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مَكْفُورٍ رَبَّنَا» وَمَكْفِيٍّ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ هَذِهِ الرِّوَايَةُ الصَّحِيحَةُ الْفَصِيحَةُ وَرَوَاهُ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ بِالْهَمْزِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهُوَ فَاسِدٌ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْكِفَايَةِ أَوْ مِنْ كَفَافِ الْإِنَاءِ كَمَا لَا يُقَالُ فِي مَقْرُوٍّ مُقْرِئٍ وَلَا فِي مَرْمِيٍّ مُرْمِئٍ بِالْهَمْزِ. قَالَ فِي مَطَالِعِ الْأَنْوَارِ: الْمُرَادُ بِهَذَا الْمَذْكُورِ كُلِّهِ الطَّعَامُ، وَإِلَيْهِ يَعُودُ الضَّمِيرُ. قَالَ الْحَرْبِيُّ: فَالْمَكْفِيُّ الْإِنَاءُ الْمَقْلُوبُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ كَمَا قَالَ غَيْرَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، أَوْ لِعَدَمِهِ.
وَقَوْلُهُ غَيْرَ مَكْفُورٍ أَيْ غَيْرَ مَجْحُودَةٍ نِعَمُ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ، بَلْ مَشْكُورَةٌ غَيْرُ مَسْتُورٍ الِاعْتِرَافُ بِهَا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَيْهَا، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُرَادُ بِهَذَا الدُّعَاءِ كُلِّهِ الْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَأَنَّ الضَّمِيرَ يَعُودُ إلَيْهِ، وَأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ