وَرَوَى ابْنُ حِبَّانَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى أَنْ يَشْرَبَ الرَّجُلُ مِنْ فِي السِّقَاءِ وَأَنْ يَتَنَفَّسَ فِي الْإِنَاءِ» . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ» يَعْنِي أَنْ تُكْسَرَ أَفْوَاهُهَا فَيُشْرَبُ مِنْهَا.
وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نَهَى أَنْ يُشْرَبَ مِنْ فِي السِّقَاءِ، فَأُنْبِئْت أَنَّ رَجُلًا شَرِبَ مِنْ فِي السِّقَاءِ فَخَرَجَتْ حَيَّةٌ» ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُخْتَصَرًا دُونَ قَوْلِهِ: فَأُنْبِئْت إلَى آخِرِهِ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ بِتَمَامِهِ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ اخْتِنَاثِ الْأَسْقِيَةِ، وَأَنَّ رَجُلًا بَعْدَ مَا نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ذَلِكَ قَامَ مِنْ اللَّيْلِ إلَى سِقَاءٍ فَاخْتَنَثَهُ فَخَرَجَتْ عَلَيْهِ مِنْهُ حَيَّةٌ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ، وَبَقِيَّةُ إسْنَادِهِ ثِقَاتٌ، وَقَوْلُهُ: عَنْ اخْتِنَاثِ السِّقَاءِ يُقَالُ خَنَثَ السِّقَاءَ وَأَخْنَثه إذَا كَسَرَ فَمَه إلَى خَارِجٍ فَشَرِبَ مِنْهُ.
مَطْلَبٌ: فِي إبَانَةِ الشَّابِّ الْقَدَحَ عَنْ فِيهِ ثَلَاثًا.
(تَنْبِيهَاتٌ) :
(الْأَوَّلُ) : رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثًا وَيَقُولُ: هُوَ أَمْرَأُ وَأَرْوَى» .
وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَتَنَفَّسُ ثَلَاثًا» ، وَقَالَ: هَذَا صَحِيحٌ، قَالَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ: وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُبِينُ الْقَدَحَ عَنْ فِيهِ كُلَّ مَرَّةٍ، ثُمَّ يَتَنَفَّسُ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمُتَقَدِّمِ لَا أَنَّهُ كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ.
وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي نِهَايَتِهِ: وَفِيهِ أَنَّهُ نَهَى عَنْ النَّفَسِ فِي الْإِنَاءِ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّهُ كَانَ يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ ثَلَاثًا، يَعْنِي فِي الشُّرْبِ، الْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ وَهُمَا بِاخْتِلَافِ تَقْدِيرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ يَشْرَبَ، وَهُوَ يَتَنَفَّسُ فِي الْإِنَاءِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُبِينَهُ عَنْ فِيهِ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ، وَالْآخَرُ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ الْإِنَاءِ بِثَلَاثَةِ أَنْفَاسٍ يَفْصِلُ فِيهَا فَاهُ عَنْ الْإِنَاءِ.